التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَىٰ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواْ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
٧
-المجادلة

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ أَلَمْ تَرَ } خطاب لمحمّدٍ (ص) او لكلّ من يتأتّى منه الخطاب، وان كان خطاباً لمحمّدٍ (ص) فالمعنى لا ينبغى لك الاستغراب عن كونه على كلّ شيءٍ شهيداً لانّك ترى وتنظر الى آثار احاطة علمه تعالى بما فى السّماوات وما فى الارض، وان كان الخطاب عامّاً فالمعنى لا ينبغى الاستغراب لظهور آثار احاطة علمه تعالى وينبغى ان يراها كلّ راءٍ لظهورها { أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلاَثَةٍ } نجوى جمع نجّى او مصدر نجاه بمعنى سارّه، او اسم مصدرٍ بمعنى السّرّ، وعلى الاوّل جاز ان يكون مضافاً الى ثلثة بدلاً منه ومعنى النّجوى المصدرىّ المسارّة بين اثنين او اكثر لكنّه يطلق على حديث النّفس وخطرات القلوب والرّؤيا الصّادقة والاحلام الكاذبة لانّها مسّارة الشّيطان او الملك مع الانسان، وقد يطلق على مطلق المحاورة { إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ } اختيار المتناجين اى المتسارّين لانّ المتناجين يكونون بحالٍ لا يطّلع على نجواهم غيرهم فيكون الاطّلاع عليهم ابلغ فى الدّلالة على الاطّلاع على خفيّات الامور، واختيار الثّلاثة والخمسة من بين مراتب العدد لانّ العدد الوتر اشرف مراتب العدد، الا ترى انّه تعالى قال { { سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ، وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِٱلْغَيْبِ، وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ } [الكهف:22] ولانّ الله وتر يحبّ الوتر، واقلّ مراتب العدد الوتر الثّلاثة، واضاف اليها الخمسة ليعلم انّ خصوص مرتبة الثّلاثة ليس مقصوداً، وقيل: كان من انزلت الآية فيهم ثلاثة وخمسة والفرق بين ثالث الثّلاثة ورابع الثّلاثة انّ ثالث الثّلاثة يكون واحداً من الثّلاثة مقابلاً للآخرين متمّماً عددهم ولذا قال تعالى: لقد كفر الّذين قالوا انّ الله ثالث ثلاثة وامّا رابع الثّلاثة فهو الّذى يجعل الثّلاثة اربعة سواء كان من جنسهم وفى عدادهم او لم يكن، وسواء جعل الثّلاثة اربعة بنفسه او بغيره فهذه العبارة لا تستلزم التّحدّد وكونه تعالى ثانياً لغيره وغير ذلك ممّا ينافى الوجوب كالعبارة الاولى فانّه تعالى يجعل كلّ ثلاثة اربعة بان يوكّل عليهم واحداً من وكلائه او اكثر، وايضاً يجعل الثّلاثة اربعة بان يكون هو بنفسه مقوّماً للثّلاثة ومعهم لا معيّة الاثنين من الانسان بل معيّة قيّوميّة لا ينفك شيءٌ من الاشياء عنها منفرداً كان او منضمّاً الى واحدٍ او اكثر وهذا المعنى لا يلزم شيئاً من لوازم الامكان ولذلك لم يكتف بهذا وقال { وَلاَ أَدْنَىٰ مِن ذَلِكَ } العدد { وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواْ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } تعليل وتأكيد ونتيجة للسّابق ونزول الآية كما روى عن الصّادق (ع) فى ابى عبيدة الجرّاح وعبد الرّحمن بن عوفٍ وسالمٍ مولى ابى حذيفة والمغيرة بن شعبة وعدّة اُخر حيث كتبوا الكتاب بينهم وتعاهدوا وتواثقوا لئن مضى محمّدٌ (ص) لا يكون الخلافة فى بنى هاشم ولا النّبوّة ابداً.