التفاسير

< >
عرض

هُوَ ٱللَّهُ ٱلْخَالِقُ ٱلْبَارِىءُ ٱلْمُصَوِّرُ لَهُ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
٢٤
-الحشر

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ هُوَ ٱللَّهُ ٱلْخَالِقُ ٱلْبَارِىءُ ٱلْمُصَوِّرُ } تعدادٌ للمدائح وتعليلٌ للسّابق، والخالق هو الّذى اوجد مادّة الشّيء اوّلاً، والبارئ هو الّذى سوّاه واوجده على ما ينبغى، والمصوّر هو الّذى يعطى كلّه وكلّ اجزائه صوراً لائقة بحالها { لَهُ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ } الاسم كما سبق فى اوّل الفاتحة وفى اوّل البقرة عند قوله { وَعَلَّمَ آدَمَ ٱلأَسْمَآءَ كُلَّهَا } [البقرة:31] للاختصاص له بالاسم اللّفظىّ بل كلّما يدلّ على شيءٍ آخر هو اسم لذلك الشّيء سواء كان دلالته وضعيّةً ام طبعيّة ام عقليّة، وسواء كان الدّالّ لفظاً او معنًى او ذاتاً جوهريّاً، والاسم الحسن هو الّذى لا يكون فى اطلاقه على الله وفى دلالته عليه شوب نقص وعدم وحدّ، وهذه العبارة تفيد بتقديمٍ له ومعناه حصر الاسماء الحسنى فيه وذلك لحصر الصّفات العليا فيه، وبمفهوم مخالفة الصّفة تفيد عدم جواز اطلاق الاسماء السّوءى عليه، والاسماء السّوءى ما كان دلالته او اطلاقه عليه تعالى مستلزماً للنّقص والحدّ، والجملة فى مقام التّعليل لاتّصافه تعالى بالاسماء السّابقة، وقد مضى فى سورة الاعراف عند قوله تعالى: { { وَللَّهِ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ } [الأعراف: 180] تفصيلٌ لهذه العبارة { يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } لمّا كان السّورة لبيان توجّه الاشياء اليه تعالى، وتوجّهه تعالى بالتّربية اليهم ختم السّورة بما فتحها به وجعله تعليلاً لقوله تعالى: له الاسماء الحسنى فانّ تمام الاسماء الاضافيّة والاسماء الحقيقيّة تستفاد من تسبيح جميع الاشياء له، وقوله: { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } تعليلٌ وتأكيدٌ لما يستفاد من تسبيح الاشياء له فانّه لا يتصوّر ان تكون الاشياء مسبّحةً له تعالى الاّ اذا كان هو الفعليّة الاخيرة للاشياء وكان قوام جميع الاشياء به، وهذا المعنى يستلزم جميع الصّفات السّلبيّة والاضافيّة والحقيقيّة ذات الاضافة والحقيقة المحضة.