التفاسير

< >
عرض

أَن تَقُولُوۤاْ إِنَّمَآ أُنزِلَ ٱلْكِتَابُ عَلَىٰ طَآئِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ
١٥٦
أَوْ تَقُولُواْ لَوْ أَنَّآ أُنزِلَ عَلَيْنَا ٱلْكِتَابُ لَكُنَّآ أَهْدَىٰ مِنْهُمْ فَقَدْ جَآءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي ٱلَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يَصْدِفُونَ
١٥٧
هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ ءَايَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ ءَايَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَٰنُهَا لَمْ تَكُنْ ءَامَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِيۤ إِيمَٰنِهَا خَيْراً قُلِ ٱنتَظِرُوۤاْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ
١٥٨
-الأنعام

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ أَن تَقُولُوۤاْ } يعنى انزلنا الكتاب كراهة ان تقولوا بعد ذلك او فى القيامة او لئلاّ تقولوا كذلك او كراهة هذا القول الواقع منكم على سبيل الاستمرار. اعلم، انّ مثل هذه العبارة كثيرة فى الكتاب والسّنة وجارية على السنة العرف والمقصود من مثلها انّ هذا القول كان واقعاً منكم وصار وقوع هذا القول سبباً لانزال الكتاب لكراهتنا وقوع هذا القول منكم ولئلاّ يصدر مثله بعد منكم، ولمّا كان صدور هذا القول سبباً لكراهته، وكراهته لهذا القول الصّادر سبباً لانزال الكتاب، وانزال الكتاب سبباً لمنع هذا القول صحّ تفسيره بكراهة ان تقولوا، وبقولهم لئلاّ تقولوا، ولكن لا حاجة الى تقدير الكراهة او تقدير لا وعلى هذا كان المعنى انزلنا الكتاب لكثرة ما كنتم تقولون اظهاراً للعذر فى تقصيركم فى العبادات وتحسّراً على كونكم امّيّين { إِنَّمَآ أُنزِلَ ٱلْكِتَابُ عَلَىٰ طَآئِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا } والاتيان باداة القصر لشهرة الكتابين واهلهما عندهم كأنّهم كانوا لا يعرفون اهل ملّة وكتاب غيرهما { وَإِن كُنَّا } ان مخفّفة من المثقّلة { عَن دِرَاسَتِهِمْ } قراءتهم وبيانهم للكتابين { لَغَافِلِينَ أَوْ تَقُولُواْ } او للتّوزيع يعنى كان بعضهم يقولون ذلك وبعضهم هذا { لَوْ أَنَّآ أُنزِلَ عَلَيْنَا ٱلْكِتَابُ لَكُنَّآ أَهْدَىٰ مِنْهُمْ } لانّا احدّ ذهناً وادقّ فهماً، وهذا هو ديدن النّسوان لانّهنّ لا يرضين بنسبة النّقص الى انفسهنّ ويعتذرون بالاعذار الكاذبة ويفتخرن باستعداد الكمالات وقواها حين فقدانها على المتّصف بها ويتحسّرن على الفانية بالتّمنّيات والتّعليق على الفائتات { فَقَدْ جَآءَكُمْ } جواب لشرط مقدّر، اى ان كنتم صادقين فقد جاءكم { بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ } كتاب هو حجّة واضحة على كلّ شيءٍ من صدق النّبىّ (ص) ونبوّته والاحكام الّتى هى معالم الهداية { وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ } التّدوينيّة والتّكوينيّة واعظمها علىّ (ع) فانّ الآيات التّدوينيّة تدلّ على التّكوينيّة وتكذيبها مؤدٍّ الى تكذيبها، وهو تعريض بانّهم كذّبوا بآيات الله بعد وضوحها ولا اظلم منهم { وَصَدَفَ عَنْهَا } اعرض او منع لكنّ الثّانى اولى للتّأسيس يعنى ضلّ واضلّ { سَنَجْزِي ٱلَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يَصْدِفُونَ هَلْ يَنظُرُونَ } ما ينتظرون { إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ } لقبض ارواحهم او لعذابهم حين الموت { أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ } فى الولاية وهو علويّة محمّد (ص) ووجهة ولايته كما قال (ع): يا حار همدان من يمت يرنى { أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ } كأشياع علىّ (ع) الّذين هم آياته تعالى، وتفسير الآيات فى الاخبار بالعذاب فى دار الدّنيا لا ينفى كونها عند الموت قبل الارتحال من الدّنيا ولا ينافى التّفسير باشياع علىّ (ع) لانّ العذاب آية علىّ (ع) النّازلة واشياعه آياته العالية { يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ } يعنى حين معاينة الموت { لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِيۤ إِيمَانِهَا خَيْراً } هو اشدّ آية على اهل الايمان خصوصاً على من لا يراقب جهة ايمانه الّذى هو ذكره وفكره، وقد فسّرت الآيات فى هذه الآية بالائمّة (ع) وبطلوع الشّمس من مغربها وبخروج الدّجّال وبظهور القائم (ع) وبخروج دابّة الارض، ولا ينافي ما ذكرنا { قُلِ ٱنتَظِرُوۤاْ } احدى الثّلاث { إِنَّا مُنتَظِرُونَ } لها فانّ لنا بذلك الفوز ولكم الويل.