التفاسير

< >
عرض

وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ ٱلأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ ٱلْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ
١٦٥
-الأنعام

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ ٱلأَرْضِ } عطف على قوله هو ربّ كلّ شيءٍ او حال معمول لواحدةٍ من الجمل السّابقة وتعليل آخر لانكار ابتغاء غيره ربّاً وبيان لكيفيّة ربوبيّته بما فيه غاية الانعام على طريق الحصر، يعنى هو الّذى جعلكم خلائف الارض لا غيره الّذى هو مربوب والمقصود انّه جعلكم خلائفه فى ارض العالم الكبير بان اعطاكم قوّة التّميز والتّصرّف فيها باىّ نحوٍ شئتم واباح لكم التّصرّف فيها، وفى ارض العالم الصّغير بان مكّنكم فيها وجعل لكم فيها كلّ ما جعل لنفسه من الجنود والحشم وسخّرها لكم مثل تسخّرها لنفسه، وهذه هى غاية الانعام حيث خلقكم على مثاله { وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ } ايّها المرفوعون { فِي مَآ آتَاكُمْ } من جاهكم ومالكم وقواكم وبسطكم واحتياج غير المرفوعين اليكم كيف تعاملون مع انفسكم ومع الله باداء الشّكر وصرف النّعمة فى وجهها ومع المحتاجين بايصال حقوقهم اليهم، فعلى هذا كان الخطاب للمرفوعين، او يكون الخطاب للمرفوعين وغيرهم جميعاً، فانّ المحتاج مبتلىً بحاجته كما انّ المرفوع مبتلىً بالمحتاج { إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ ٱلْعِقَابِ } استيناف من الله وخطاب لمحمّدٍ (ص) او خطاب عامّ وجواب لسؤالٍ مقدّرٍ كأنّه قيل: ما يريد بالابتلاء؟ - فقال: يريد عقوبة المسيء ورحمة المحسن منهم لانّ ربّك سريع العقاب، وتقديم العقاب لقصد ختم السّورة بالرّحمة رحمةً بهم { وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } عن الصّادق (ع) انّ سورة الانعام نزلت جملةً واحدةً شيّعها سبعون الف ملك حتّى نزلت على محمّد (ص) فعظّموها وبجّلوها فانّ اسم الله فيها فى سبعين موضعاً، ولو يعلم النّاس ما فى قراءتها ما تركوها وكفى به فضلاً.