التفاسير

< >
عرض

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَآ أَنَزلَ ٱللَّهُ وَلَوْ تَرَىۤ إِذِ ٱلظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ ٱلْمَوْتِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ بَاسِطُوۤاْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوۤاْ أَنْفُسَكُمُ ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ
٩٣
-الأنعام

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَآ أَنَزلَ ٱللَّهُ } نزول الآية مشهور وفى التّفاسير مسطور، من انّها فى عبد الله بن ابى سرح وانّه قدم المدينة واسلم وكان له خطّ حسن وكان اذا نزل الوحى على رسول الله (ص) دعاه فيكتب ما يمليه رسول الله (ص) وكان يبدّل الكلمة مكان كلمةٍ بمعناها وكان رسول الله (ص) يقول "هو واحد" فارتدّ كافراً ولحقّ بمكّة وهدر رسول الله (ص) يوم فتح مكّة دمه وعثمان التمس العفو منه (ص) فصار من الطّلقاء، لكن المقصود والتّأويل فى اعداء علىّ (ع) حيث ادّعوا الخلافة لانفسهم ويجرى فى من نصب نفسه للمحاكمة بين الخلق او للفتيا وبيان احكامهم من غير نصٍّ واجازةٍ من الرّسول (ص) بلا واسطةٍ أو بواسطة، فانّ حكم مثله وفتياه افتراء على الله ولو اصاب الحقّ فقد أخطأ وليتبوّأ مقعده من النّار وليست الاجازة الالهيّة باقلّ من الاجازة الشّيطانيّة الّتى عليها مدار تأثيرات مناطرهم ونفخاتهم ولذلك ورد عنهم (ع): هذا مجلس لا يجلس فيه الاّ نبىّ او وصىّ او شقىّ، اشارة الى مجلس القضاء وليس الوصىّ الاّ من نصّ المنصوص عليه على وصايته، وكانت سلسلة الاجازة بين الفقهاء كثّر الله امثالهم والعرفاء رضوان الله عليهم مضبوطة محفوظة وكان لهم كثير اهتمام بالاجازة وحفظها، حتّى انّهم كانوا لا يتكلّمون بشيءٍ من الاحكام ولا يحكمون على احدٍ بل لا يقرأون شيئاً من الادعية والاوراد من غير اجازةٍ، وقد نقل العيّاشى عن الباقر (ع) فى تفسير الآية انّه قال: من ادّعى الامامة دون الامام { وَلَوْ تَرَىۤ إِذِ ٱلظَّالِمُونَ } للامام او لانفسهم بالافتراء على الله بقرينة ما يأتى من قوله بما كنتم تقولون على الله غير الحقّ، اشارة الى الافتراء وبقرينة { وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ } اشارة الى الانحراف عن الاوصياء والظّلم لهم، فالمعنى لو ترى اذ الظّالمون للامام او لاتباعه او لانفسهم او للخلق بادّعاء الامامة او الحكومة بين النّاس والفتيا لهم من غير اجازةٍ { فِي غَمَرَاتِ ٱلْمَوْتِ } وشدائدها الّتى تغمر عقولهم وتدهشهم بحيث يغشى عليهم { وَٱلْمَلاۤئِكَةُ بَاسِطُوۤاْ أَيْدِيهِمْ }لقبض ارواحهم قائلين { أَخْرِجُوۤاْ أَنْفُسَكُمُ } غيظاً عليهم { ٱلْيَوْمَ } متعلّق باخرجوا او بتجزون والجملة جزؤ مقول الملائكة او استيناف من الله كأنّه صرف الخطاب عن الرّسول (ص) وخاطبهم بنفسه وقال اليوم { تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ } فالويل لمن اعرض عن المنصوصين وادّعى الرّأى والفتيا لنفسه من غير نصٍّ من المنصوصين.