التفاسير

< >
عرض

سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
١
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ
٢
كَبُرَ مَقْتاً عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ
٣
-الصف

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ } قيل: نزلت فى قومٍ كانوا يقولون اذا لقينا العدوّ لم نفرّ ولم نرجع عنهم ثمّ لم يفوا يوم اُحدٍ، وقيل: نزلت فى قومٍ قالوا: جاهدنا وأبلينا وفعلنا ولم يفعلوا، وقيل: نزلت فى المؤمنين فانّهم بعدما سمعوا ثواب شهداء بدرٍ قالوا: لو لقينا قتالاً جهدنا غاية جهدنا ولم نفرّ، وقيل: انّ المسلمين قالوا: لو علمنا احبّ الاعمال لبذلنا فيه اموالنا وانفسنا، فأنزل الله انّ الله يحبّ الّذين يقاتلون فى سبيله صفّاً فلم يفوا يوم اُحدٍ وقال القمّىّ: نزلت فى الّذين وعدوا محمّداً (ص) ان لا ينقضوا عهده فى امير المؤمنين (ع) فعلم الله انّهم لا يفون بما يقولون وقد سمّاهم الله المؤمنين باقرارهم وان لم يصدّقوا.
اعلم، انّ القول ههنا اعمّ من القول اللّسانىّ والقول النّفسانىّ اى الاعتقاد الجنانىّ، وامّا الخطرات والخيالات الّتى تقذف فى قلوب النّاس من غير عزمٍ منهم عليها فهى ليست اقوالاً لهم بل هى واردة عليهم من الشّيطان او الملك فهى اقوال الشّيطان او الملك، وهذا القول اعمّ من ان يكون فى الاحكام الالهيّة بان يقول الانسان بنحو الافتاء او التّقليد حكماً من الاحكام ولا يفعل به، وفى الامر بالمعروف والنّهى عن المنكر بان يأمر غيره ولا يأتمر وينهى ولا ينتهى، وفى المواعظ والنّصائح بان يعظ وينصح بما لم يفعله، وقد ابتلى بالاوّل والثّانى المجتهدون الّذين نصبوا انفسهم لبيان احكام العباد، والمقلّدون الّذين نصبوا انفسهم لذلك، وبالثّالث القصّاص والوعّاظ وان كان لا يخلوا من الثّلاثة اكثر النّاس ولو بالنّسبة الى من تحت يده، وفى المواعيد والعقود والبيعة الاسلاميّة والايمانيّة، فانّه ورد عن الصّادق (ع): عدة المؤمن اخاه نذر لا كفّارة له فمن اخلف فبخلف الله بَدأ ولمقته تعرّض، وذلك قوله: يا ايّها الّذين آمنوا (الآيتين) وعن علىٍّ: الخلف يوجب المقت عند الله وعند النّاس قال الله تعالى: { كَبُرَ مَقْتاً عِندَ ٱللَّهِ } (الآية) وفى الصّنائع والحرف فانّ صاحب الحرفة اذا قال: ينبغى لصاحب الصّنعة ان يكون صنعته كذا وكذا، او قال: الصّنعة اذا كانت كذا وكذا كان المصنوع محكماً وكان ابقى ولم يكن يفعل.