التفاسير

< >
عرض

ٱتَّخَذُوۤاْ أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
٢
-المنافقون

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ ٱتَّخَذُوۤاْ أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً } عن القتل والاسر وحفظوا بها دماءهم واموالهم او اتّخذوها جنّةً عن شتم المسلمين ولومهم، او جنّة عن سوء ظنّ المسلمين بهم وفرارهم عنهم، وقرئ ايمانهم بكسر الهمزة { فَصَدُّواْ } منعوا او اعرضوا { عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } الّذى هو علىّ (ع) وولايته { إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }.
اعلم، انّ النّفاق عبارة عن اظهار ما لم تكن تعتقده مثل الّذين اظهروا الاسلام وباعوا البيعة النّبويّة من غير اعتقادٍ برسالة الرّسول (ص) او مع الشّكّ فى رسالته، او كانوا معتقدين ثمّ طرأ الشّكّ والانكار، هذا بحسب الظّاهر والاعتقاد وقد يعتبر النّفاق بحسب الاعمال الظّاهرة من غير موافقة الاحوال الباطنة وهذا نفاق قلّ من يخلو عنه من المسلمين، فانّ الاذكار والافعال الواقعة فى الصّلاة كلّها عناوين واظهارٌ لاحوال النّفوس فانّ قول القائل بسم الله الرّحمن الرّحيم تعبيرٌ عن نفسه وانّه يَسِمُ نفسه بالعبادة فاذا لم يكن حاله موافقاً لهذا التّعبير كان منافقاً حالاً، وهكذا الحمد الله ربّ العالمين وهكذا ايّاك نعبد حصر للعبادة فيه وايّاك نستعين حصرٌ للاستعانة فيه فلو كان حال القائل ذلك ان يرى موصوفاً آخر او يعتقد موصوفاً آخر بالصّفات الحميدة او كان له معبود آخر من الاهوية او الاناسىّ، او كان نظره الى معينٍ آخر والاستعانة بغير الله كان منافقاً حالاً، وفعل الرّكوع تعبير عن نفسه بانّه خاشع لله بحيث دعا خشوعه له الى الانثناء، وسجوده تعبير عن كمال خضوعه له تعالى فاذا لم يكن حاله على هذا المنوال كان منافقاً، وهكذا قنوته وسائر دعواته فى احوال الصّلاة، وصيامه تعبير عن نفسه بانّه صام عن غير التذاذٍ بجمال الله والسّلوك اليه، وزكاته كناية عن انّه فى نقصان الانانيّة، فلو لم ينقص من انانيّته بل كان فى زكاته معجباً بنفسه رائياً عمله كان منافقاً، وقد ورد: ما زاد خشوع الجسد على خشوع القلب فهو من النّفاق.