التفاسير

< >
عرض

يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ ٱلأَعَزُّ مِنْهَا ٱلأَذَلَّ وَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ
٨
-المنافقون

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ ٱلأَعَزُّ مِنْهَا ٱلأَذَلَّ } كنّوا عن انفسهم بالاعزّ وعن المؤمنين بالاذلّ { وَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } انّ العزّة الدّنيويّة والاخرويّة لله وعند الله ولمن كان من حزب الله وان كانوا بحسب الانظار الظّاهرة مغلوبين، نزلت الآيات كما عن القمّىّ، فى غزوة بنى المصطلق فى سنة خمسٍ من الهجرة وكان رسول الله (ص) خرج اليها فلمّا رجع منها نزل على بئرٍ وكان الماء قليلاً فيها وكان سيّار حليف الانصار وكان جهجاه بن سعيد الغفارىّ اجيراً لعمر بن الخطّاب فاجتمعوا على البئر فتعلّق دلو سيّارٍ بدلو جهجاه فقال سيّار: دلوى وقال جهجاه: دلوى، فضرب جهجاه يده على وجه سيّار فسال منه الدّم فنادى سيّار بالخزرج ونادى جهجاه بقريشٍ فاخذ النّاس السّلاح وكاد ان تقع الفتنة فسمع عبد الله بن اُبىٍّ النّداء فقال: ما هذا؟ - فأخبروه بالخبر فغضب غضباً شديداً ثمّ قال: قد كنت كارهاً لهذا المسير انّى لاذلّ العرب؟! ما ظننت انّى ابقى الى ان اسمع مثل هذا فلا يكون عندى تغيير، ثمّ اقبل على اصحابه فقال: هذا عملكم، أنزلتموهم منازلكم وواسيتموهم بأموالكم، ووقيتموهم بأنفسكم وأبرزتم نحوركم للقتل، فأرمل نساءكم وايتم صبيانكم، ولو اخرجتموهم لكانوا عيالاً على غيركم، ثمّ قال: "لئن رجعنا الى المدينة ليخرجنّ الاعزّ منها الاذلّ" ، وكان فى القوم زيد بن ارقم وكان غلاماً قد راهق وكان رسول الله (ص) فى ظلّ شجرةٍ فى وقت الهاجرة وعنده قوم من اصحابه من المهاجرين والانصار، "فجاء زيد فأخبره بما قال عبد الله بن ابىٍّ، فقال رسول الله (ص): لعلّك وهمت يا غلام؟ - قال: لا والله ما وهمت، فقال: لعلّك غضبت عليه؟ قال: لا والله ما غضبت عليه، قال: فلعلّه سفّه عليك؟ - قال: لا والله، فقال رسول الله (ص) لشقران مولاه فأحدج فاحدج راحلته وركب وتسامع النّاس بذلك، فقالوا: ما كان رسول الله (ص) ليرحل فى مثل هذا الوقت فرحل النّاس الى ان قال: فسار رسول الله (ص) يومه كلّه لا يكلّمه احد فأقبلت الخزرج على عبد الله بن ابىٍّ يعذلونه فحلف عبد الله انّه لم يقل شيئاً من ذلك، فقالوا: فقم بنا الى رسول الله (ص) حتّى نعتذر اليه فلوّى عنقه، فلمّا جنّ اللّيل سار رسول الله (ص) ليله كلّه والنّهار فلم ينزلوا الاّ للصّلاة، فلمّا كان من الغد نزل رسول الله (ص) ونزل اصحابه وقد امهدهم الارض من السّهر الّذى اصابهم، فجاء عبد الله بن ابىٍّ الى رسول الله (ص) فحلف انّه لم يقل ذلك وانّه ليشهد ان لا اله الاّ الله وانّك لرسول الله وانّ زيداً قد كذب علىّ، فقبل رسول الله (ص) منه وأقبلت الخزرج على زيد بن ارقم يشتمونه (الى ان قال) فنزل الوحى عليه فلمّا نزل جمع اصحابه وقرأ عليهم سورة المنافقين ففضّح الله عبد الله بن ابىٍّ" ، وعن الكاظم (ع) انّ الله تبارك وتعالى سمّى من لم يتّبع رسوله (ص) فى ولاية علىٍّ (ع) وصيّه منافقين، وجعل من جحد وصيّه امامته كمن جحد محمّداً (ص) وانزل بذلك قرآناً فقال: يا محمّد اذا جاءك المنافقون بولاية وصيّك قالوا نشهد انّك لرسول الله والله يعلم انّك لرسوله والله يشهد انّ المنافقين بولاية علىٍّ لكاذبون، اتّخذوا ايمانهم جنّةً فصدّوا عن سبيل الله والسّبيل هو الوصىّ انّهم ساء ما كانوا يعملون، ذلك بانّهم آمنوا برسالتك وكفروا بولاية وصيّك فطبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون، يقول: لا يعقلون نبوّتك، واذا قيل لهم: ارجعوا الى ولاية علىٍّ (ع) يستغفر لكم النّبىّ (ع) من ذنوبكم لوّوا رؤسهم قال الله { وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ } عن ولاية علىٍّ (ع) وهم مستكبرون عليه، ثمّ عطف القول بمعرفته بهم فقال: سواء عليهم استغفرت لهم ام لم تستغفر لهم انّ الله لا يهدى القوم الفاسقين يقول الظّالمين لوصيّك.