التفاسير

< >
عرض

قَدْ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَٱللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ
٢
-التحريم

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ قَدْ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمْ } اى اوجب الله او قدّر الله او اثبت { تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ } اى تحليل ايمانكم او كفّارة ايمانكم فانّها ما به التّحليل { وَٱللَّهُ مَوْلاَكُمْ } فهو اولى بالاسترضاء { وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ } بمصالحكم فاذا قال حلّلوا ايمانكم بالكفّارة فحلّلوا { ٱلْحَكِيمُ } فى فعاله واقواله فلا يشرع لكم ولا يأمركم ولا ينهاكم الاّ بما فيه مصالح وله غايات شريفة انيقة، وقال الّذين توسّلوا بأمثال هذه الآية فى تصحيح خلافة خلفائهم وامامة ائمّتهم: انّ فى هذه الآية دلالةً على انّه تعالى عاتب نبيّه (ص) وليس العتاب الاّ لذنبٍ صدر منه والذّنب ههنا كما نقل فى نزول الآية تحريمه (ص) من قبل نفسه بدون امر الله مارية القبطيّة او شرب العسل على نفسه، فنقول: مثل هذا العتاب يدلّ على كمال عنايته بمحمّدٍ (ص) ورأفته به بحيث لم يرض انّه (ص) حرّم على نفسه بعض الملاذّ المباحة، كالاب الشّفيق الّذى يمنع ولده عن ترك بعض الملاذّ النّفسانيّة شفقة عليه ومنعاً له من الامساك عن بعض ما فيه حظوظ النّفس، ولا يدلّ على انّه صدر منه ذنب او خلاف امر، غاية الامر انّه يدلّ على انّه امتنع عن بعض الملاذّ استرضاءً لبعض ازواجه، واسترضاء الازواج ممّا ندب عليه، اما ترى جواز الكذب للازواج استرضاءً لهنّ قال القمّىّ وغيره سبب نزول الآيات "انّ رسول الله (ص) كان فى بيت عايشة او فى بيت حفصة، فتناول رسول الله (ص) مارية، فعلمت حفصة بذلك فغضبت واقبلت على رسول الله (ص)، فقالت يا رسول الله، فى يومى فى دارى وعلى فراشى؟!. فاستحيى رسول الله (ص)، فقال كُفّى، فقد حرّمت مارية على نفسى وانا اقضى اليك سرّاً ان انتِ اخبرت به فعليك لعنة الله والملائكة والنّاس اجمعين، فقالت نعم ما هو!. فقال (ص) انّ ابا بكر يلى الخلافة بعدى ثمّ بعده ابوك، فقالت من انبأك هذا؟ قال نبّأنى العليم الخبير، فاخبرت حفصة به عايشة من يومها ذلك، واخبرت عايشة ابا بكر، فجاء ابو بكر الى عمر، فقال له انّ عايشة اخبرتنى بشيءٍ عن حفصة ولا اثق بقولها، فاسئل انت حفصة، فجاء عمر الى حفصة وقال: ما هذا الّذى اخبرت عنكِ عايشة؟ فانكرت ذلك وقالت ما قلت لها من ذلك شيئاً، فقال لها عمر انّ هذا حقّ فاخبرينا حتّى نتقدّم فيه، فقالت نعم قال رسول الله (ص)" ،فنزل جبرئيل على رسول الله بهذه السّورة واظهره الله عليه يعنى اظهره الله على ما اخبرت به وعرّف بعضه اى خبرها وقال لم اخبرت ما اخبرتك؟! واعرض عن بعضٍ يعنى لم يخبرهم بما يعلم، وقيل: "خلا النّبىّ (ص) فى بيت عائشة مع مارية فاطّلعت عليه حفصة فقال لها رسول الله: لا تعلمى عائشة ذلك وحرّم مارية على نفسه، واخبرها انّ اباها يملك بعده وبعده عمر فأعلمت حفصة عائشة الخبر واستكتمتها ايّاه فاطلع الله نبيّه (ص) على ذلك" وهو قوله: { وَإِذْ أَسَرَّ ٱلنَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً } (الآية)، وقيل: انّ رسول الله (ص) كان اذا صلّى الغداة يدخل على ازواجه واحدة واحدة وكان اذا دخل على حفصة حبسته واحضرت العسل له وانّ عائشة انكرت احتباسه عندها، فتواطئت مع بعض ازواجه انّه اذا دخل النّبىّ (ص) عليهنّ يقلن متّفقاتٍ: انّا نجد منك ريح المغافير، فلمّا دخل الرّسول على كلٍّ قلن ذلك، فقال الرّسول (ص): "لا اشرب العسل بعد ذلك" ، وقيل: كانت زينب بنت جحش تحبس النّبىّ (ص) فتواطئت عائشة مع بعض ازواجه ان يقلن ذلك لما علمن انّه كان يشرب عند زينب العسل.