التفاسير

< >
عرض

تَبَارَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
١
ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْمَوْتَ وَٱلْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفُورُ
٢
-الملك

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ تَبَارَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ } الملك يطلق على عالم الطّبع مقابل الملكوت العامّة الّتى هى جملةعالم الارواح، او الخاصّة وهى عالم المثال، وهذا الاطلاق هو المشهور عندهم، ويطلق على جملة ما سوى الله، وعلى الرّسالة والصّدر المستنير بنورها، وعلى النّبوّة والقلب المستضيء بضوئها، وعلى الولاية الّتى بها يكون التّصرّف فى العباد ودعوتهم الى التّوحيد، واليد تطلق على ما به التّصرّف، وعلى القدرة الّتى هى مبدء التّصرّف، وعلى صفات الله اللّطفية والقهريّة، وعلى عالمى الملكوت العليا والملكوت السّفلى، والكلّ مناسب ههنا { وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } من الممكنات الواقعة فى عالم الطّبع وعالمى الملكوت { قَدِيرٌ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْمَوْتَ } لمّا كان الموت من اعدام الملكات، واعدام الملكات لها حظّ ضعيفٌ من الوجود وماله حظٌّ من الوجود صحّ تعلّق الخلق به قال: خلق الموت { وَٱلْحَيَاةَ } ولمّا كان الموت فى عالم الطّبع بوجهٍ مقدّماً على الحياة بالطّبع، او كان المنظور من ذكر خلق الموت والحياة التّهديد عن الشّرور والتّرغيب فى الخيرات وكان الموت فى هذا المنظور ابلغ قدّم الموت { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } ولم يقل، او اسوء عملاً، للاشارة الى انّ المنظور من كلّ ذلك ان يحسن الانسان عمله، وسوء العمل يكون من الطّوارى وليس علّة غائيّةً وحسن العمل يكون بنيّةٍ حسنةٍ كاملةٍ، والنّيّة الحسنة تكون بالعقل الكامل ولذلك ورد فى اخبارٍ عديدةٍ انّ المراد به ايّكم اتمّ عقلاً، وروى عن الصّادق (ع) انّه قال: ليس يعنى اكثر عملاً ولكن اصوبكم عملاً وانّما الاصابة خشية الله والنّيّة الصّادقة ثمّ قال: الابقاء على العمل حتّى يخلص اشدّ من العمل، والعمل الخالص الّذى لا تريد ان يحمدك عليه احدٌ الاّ الله عزّ وجلّ، والنّيّة افضل من العمل، الا وانّ النّيّة هو العمل، ثمّ تلا قوله عزّ وجلّ: { قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ } يعنى على نيّته { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } الّذى لا مانع له من حكمه وارادته فليحذر الّذين يخالفون امره ويسيئون فى عملهم وليرج الّذين يطيعونه ويحسنون عملهم { ٱلْغَفُورُ } فلا ييأس الّذين يعملون السّيّئات.