التفاسير

< >
عرض

فَإِذَا جَآءَتْهُمُ ٱلْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَـٰذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَلاۤ إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ ٱللَّهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
١٣١
-الأعراف

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ فَإِذَا جَآءَتْهُمُ ٱلْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَـٰذِهِ } بيان لغاية سفاهتهم ووخامة رأيهم حيث عقّبوا ما غايته التّذكّر وقبول الحقّ بالتأنّف وجحوده، وفى الاتيان باذا ومضىّ الفعل وتعريف الحسنة اشارة لطيفة الى كثرة الحسنة بحيث لا ينكر تحقّقها ومعهوديّتها لكثرة دورانها بخلاف قرينتها فانّها لندورها كأنّها مشكوك فيها ولم تتحقّق وان تحقّق فرد منها فكأنّها امر منكور غير معهودٍ ولذلك اتى بان واستقبال الفعل وتنكير السّيئّة فقال { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ } والمراد بالحسنة ههنا ما يعدّونه اهل الحسّ حسنة من الصحّة والخصب وسعة المال وبالسّيّئة ما يقابلها { يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ } كانوا اذا استقبلهم طائرٌ وقتما ارادوا مهمّاً فان طار الى اليمين او الى اليسار تفأّلوا وتشأّموا كما قيل (وقيل: كانوا يتشأّمون بالبارح وهو الّذى يأتى من قبل الشّمال ويتبرّكون بالسّابح وهو الّذى يأتى من قبل اليمن) والاسم منه الطّيرة والطّائر ثمّ غلب التّطيّر، ومشتقاتّه فى التّشأّم كالتّفأّل فى التيمّن، ثمّ استعمل التّطيّر فى كلّما يتشأّم به وكان رؤساؤهم جعلوا ما به التّفأّل والتّشأّم من امارات الخير والشّرّ ثمّ عدّه جهلاؤهم من اسبابهما ولذلك قال فى الرّدّ عليهم { أَلاۤ إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ ٱللَّهِ } يعنى سبب خيرهم وشرّهم عند الله { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } انّ سبب الخير والشر عند الله وانّ الفاعل هو الله وان ليس للخلق الاّ القبول وليس ما يعدّونه سبب الخير او الشّرّ الاّ امارةً ان كان من الامارات.