التفاسير

< >
عرض

وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ ٱلأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ ٱلْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ
١٣٧
-الأعراف

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ ٱلأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا } يعنى مشارق ملك مصر ومغاربها او ملك مصر والشّام { ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا } بكثرة النّعم من الحبوب والثّمار وغيرها { وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ ٱلْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ } عدته الحسنى بايراث الارض بقوله تعالى: { { وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَارِثِينَ } [القصص:5]، اعلم، انّ الكلمة غير مختصّة بالحروف المركّبة الحاصلة من تقاطع الهواء التّنفّسىّ مع مخارج الحروف الموضوعة لمعنى من المعانى بل كلّ ما دلّ على غيره من الكلمات العينيّة فهو كلمة، بل التّحقيق انّ الحقّ المضاف الّذى هو المشيّة الّتى هى نفس الرّحمن واضافته الاشراقيّة والرّبّ المضاف باعتبار تعلّقه بالمخارج الحقيقيّة الّتى هى الاعيان الثّابتة والمهيّات الاعتباريّة كلمته تعالى باعتبار وحدته وكلماته باعتبار تعدّده فانّ له فى نفسه وحدةً حقيقيّةً ظلّيةً وباعتبار المهيّات كثرةً اعتباريّة، ونحن الكلمات التّامّات، كما ورد عنهم عليهم السّلام بهذا الاعتبار، وتسمية المشيّة بنفس الرّحمن باعتبار تطابق العالم الصّغير والكبير وتلك الكلمة باعتبارها فى نفسها تامّة، وباعتبار ظهورها على غيرها توصف بالتّمام وعدمه، وظهورها تامّة بان تظهر بصورة الولاية والنّبوّة والرّسالة، وتماميّتها حينئذٍ كانت اضافيّة، وتماميّتها الحقيقيّة اذا كانت بصورة الولاية المطلقة فيصير صاحبها خاتم الولاية، وبصورة النّبوّة المطلقة والرّسالة المطلقة فيصير صاحبهما خاتم النّبوّة والرّسالة كما فى محمّد (ص) وعلىّ (ع)، وتماميّة النّبوّة والرّسالة النّاقصة تماميّة اضافيّة ان تظهر بجميع ما من شأنه ان تظهر به من قبول احكامها وانجاز مواعيدها وترتّب فوائدها، ومن جملة تماميّة نبوّة موسى (ع) ظهورها باتمام مواعيدها ورفع موانع رواجها من منع فرعون وقومه، والتّوصيف بالحسنى للاشارة الى انّ كلماته باعتبارها فى انفسها تتفاوت وتتّصف بالحسن والاحسنيّة وان كان كلّها باعتبار اضافتها اليه تعالى حسنة غير متّصفةٍ بعدم الحسن، وبعدما عرفت انّ الرّبّ المضاف هو الولاية المتحقّق بمطلقها علىّ (ع) وانّ الرّسالات والنّبوّات والولايات الجزئيّة هى مراتب الولاية المطلقة وتنزّلاتها وانّ النّبوّة المطلقة والرّسالة المطلقة ايضاً ظهور الولاية المطلقة وتحت تربيتها، علمت جواز تفسير الرّبّ بعلىّ (ع) والكلمة بموسى (ع) او برسالته ونبوّتّه { بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ } من الاصنام وعبادتها والصّنائع الدّقيقة وآلاتها والابنية الرّفيعة وزخارفها { وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ } من كروم الجنان والقصور والرّفيعة، وقوله دمّرنا عطف على تمّت او على صبروا، وكون التّدمير سبباً لتماميّة الكلمة لما فيه من الدّلالة على القدرة والرّسالة والعبرة لسالكى الآخرة.