التفاسير

< >
عرض

سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِي ٱلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ
١٤٦
وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَآءِ ٱلآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
١٤٧
-الأعراف

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ سَأَصْرِفُ } البتّة على ان يكون السّين للتّأكيد او سأظهر يوم القيامة انّ انصراف المنصرف كان بسبب تكبّره بغير الحقّ، ولمّا كان الاهتمام ببيان سبب الانصراف لا الصّارف لم يقل: انا اصرف بتقديم المسند اليه تقوية للحكم او حصراً { عَنْ آيَاتِي } التّدوينيّة الّتى هى احكام نظام المعاش وحسن المعاد وظهور الآيات التّكوينيّة او عن الآيات التّكوينيّة الآفاقيّة والانفسيّة واعظمها الآيات العظمى او عن الجميع { ٱلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي ٱلأَرْضِ } يظهرون الكبر او ينتحلون الكبر { بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ } فانّ التكبّر بأمره مع المتكّبر صدقة، والتكبّر بكبريائه تعالى كبرياء الحقّ وهما لا يمنعان من انقياد الآيات { وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا } من عطف المسبّب على السّبب لتكّبرهم المانع من الاذعان بآياتى { وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً } لادبارهم بتكبّرهم عن سبيل الرّشد { وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً } لاقبالهم على الغىّ، والمراد بسبيل الرّشد والغىّ الاعمال والاخلاق الموصلة اليهما بل نقول: للنّفس طريق الى العقل وهو الرّشد وطرقٌ عديدةٌ الى الجهل وهى الغىّ، والنّفس برزخ واقع بينهما والاعمال والاخلاق الحسنة من لوازم طريقها الى العقل، وضدّها من لوازم طرقها الى الجهل { ذٰلِكَ } التكبّر الّذى هو سبب الكلّ او ذلك المذكور من الصّرف والتّكبّر وعدم الايمان بالآيات وعدم اتّخاذ سبيل الرّشد واتّخاذ سبيل الغىّ { بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } فانّ سبب الكلّ التّكذيب بآياتنا العظمى او مطلق الآيات { وَكَانُواْ عَنْهَا } من حيث انّها آيات { غَافِلِينَ وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَآءِ ٱلآُخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ } عطف على مدخول انّ وهو على صورة قياسٍ اقترانىٍّ من الشّكل الاوّل وصورته هكذا: ذلك بانّهم كّذبوا بآياتنا وكلّ من كذّب بآياتنا حبطت اعمالهم فلا ينتفعون بها حتّى يقرّبهم الى سبيل الرّشد والانقياد للآيات { هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } كأنّه قيل: حبط الاعمال لا يشبه العدل، فقال: ليس حبط الاعمال الاّ جزاء اعمالهم.