التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ
١٧
-الأعراف

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ } من جهة تزيين المشتهيات الاخرويّة واتعابهم فى العمل لاجلها { وَمِنْ خَلْفِهِمْ } من جهة المشتهيات الدّنيويّة { وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ } بتزيين الاعمال الدّينيّة بحيث يستلذّها ويعجب بها فيفسدها { وَعَن شَمَآئِلِهِمْ } بتزيين الاعمال القبيحة بحيث يعدّون قبائحهم حسناتٍ ويباهون بمعاصيهم وملاهيهم ومقصوده منه، تصوير المخاصمة معهم بكلّ ما يتصوّر المخاصمة به من الخصمين من المباغتة من كلّ جهة ولذلك لم يذكر من فوقهم ومن تحتهم، فانّه لا يتصوّر للعدّو الصّورىّ الاتيان منهما ولانّ جهة الفوق جهة الرّحمة الالهيّة ولا يتصوّر نزول الشّيطان منها، وجهة التحت هى جهة الموادّ من العنصريّة والجماديّة والنّباتيّة والحيوانيّة يعنى مقام الحيوان الخارج عن حدّ الانسان، لا المشتهيات الحيوانيّة الّتى هى تحت الانسانيّة ومتّحدة معها والانسان بالطّبع نافر منها كلّ النّفرة متوحّش كلّ التوحّش لا يمكن اغواؤه من تلك الجهة، والاتيان فى الاوّلين بحرف الابتداء وفى الاخيرين بحرف المجاوزة لتصوير تلك المخاصمة بصورة المخاصمة الصّوريّة، فانّ الخصم الآتى من القدّام متوجّه الى خصمه غير متجاوز عن جهة قدّامه، وكذا الآتى من الخلف يباغت الخصم من خلفه لكنّ الآتى من احد الجانبين يتجاوز عنه ويباغته، او ينصرف المأتّى اليه بوجهه الى الآتى من احد جانبيه فى الاغلب { وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ } لغفلتهم عن الانعام وابتهاجهم بنفس النّعمة او بصرف النّعمة الّتى انعمت عليهم فى غير وجهها بتلبيسى عليهم وجهها.