التفاسير

< >
عرض

يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَٰهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ
١٨٧
-الأعراف

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ } قد فسّر السّاعة فى رواياتنا بالقيامة وبظهور القائم عجّل الله فرجه وبوقت الموت والكلّ فى العالم الصّغير راجع الى معنىً واحد وهو اوّل وقت الموت، فانّه من مات قامت قيامته ويظهر القائم من آل محمّد (ص) حين الموت على المؤمن والكافر وكذا فى العالم الكبير، فانّ الانسان بعد طىّ البرازخ سعيداً كان او شقيّاً تقوم قيامته الكبرى وله اماتة اخرى ويظهر القائم حينئذٍ ظهوراً اتمّ من الظّهور الاوّل ويحاسب النّاس ويدخل اهل الجنّة فى الجنّة واهل النّار فى النّار، وقوله تعالى: { { أَمَتَّنَا ٱثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا ٱثْنَتَيْنِ } [غافر:11]؛ اشارة الى هاتين الاماتتين وهذين الاحيائين ولذا قدّم امّتنا والسّاعة بكلا معنييه من الامور الّتى لم يطلع الله عليها احداً من ملائكته المقرّبين وانبيائه المرسلين (ع) واوليائه الكمّلين، فلا يعلمها الاّ الله ويقدّم منها ما يشاء ويؤخّر فمن ادّعى علمها فهو كذّاب وقد ورد لعن الله الموقّتين، بل التّحقيق انّ السّاعة خارجة من الوقت واقعة فوق الوقت ليس لها وقت زمانىّ بل هى من الملكوت والزّمان من الملك وتحديد الملكوت بالملك من غاية الجهل ولذا نسب الله تعالى الى عدم العلم والجهل من سأل عنها { أَيَّانَ مُرْسَاهَا } وقوعها سؤال عن توقيت السّاعة { قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي } لانّه استأثره لنفسه { لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ } لا يظهرها فى وقتها { إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } لانّ صغريها وكبريها ترفع الحدود والتّعيّنات وتميت الانّيّات وتظهر الحقّ وتبيد الباطل وليست السّماوات والارض وأهلهما الاّ التّعيّنات والانّيّات الباطلة ولا ثقل اثقل ممّا يرفع الشّيء ولا يبقى له اثراً { لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً } من غير تقدّم اثر وعلامة { يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا } يعنى يلحّون فى السّؤال عنك كأنّك ملحّ علينا فى السّؤال عنها { قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ } تأكيد فى الرّدّ عليهم { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } انّها ممّا ليس يبذلها الله لغيره وانّها فوق الوقت لا يمكن توقيتها بوقتٍ.