التفاسير

< >
عرض

قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ ٱلْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ ٱلسُّوۤءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
١٨٨
-الأعراف

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً } فلا يكون لى الاطّلاع على الغيوب وهو تبرّءٌ من الانانيّة واقرار بالعجز والعبوديّة، كما هو شأن العارف بالرّبوبيّة وكناية عن نفى علم الغيب عن نفسه مطلقاً اشارة الى العجز فى قوتّه العمّالة والجهل فى قوّته العلاّمة بحسب التّنزّل الى مقام البشريّة وما كان يظهر منه القدرة والعلم بالغيوب، فانّما هو بحسب جنبته الملكوتيّة الّتى هى من عالم الرّبوبيّة { إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ } ان يملكنى على ظاهره ويعلمنى على معناه المكنّى { وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ } تصريح بالنّفى المكنّى تأكيداً وتحقيق له بالبرهان الحسّىّ على زعمهم فانّهم لا يرون خيراً الاّ ما زعموه خيراً من الاعراض الدّنيويّة { لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ ٱلْخَيْرِ } السّعة فى المال والصّحّة والسّلامة { وَمَا مَسَّنِيَ ٱلسُّوۤءُ } الآفة فى المال وفى الانفس { إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ } للكافرين بقرينة المقابلة مع بشير، وتقييده بالمؤمنين او مطلقاً كما هو ظاهره لكن المؤمنين من الجهات النّفسانيّة الّتى تؤدّى الى الكفر وللكفّار من كفرهم { وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } نفى لجملة الشّؤن عن نفسه واثبات للانذار والتّبشير الّذين هما بأمر الله كأنّه قال: ليس لى شأن الاّ امر الله وهو غاية التّوحيد فعلاً وصفةً، ولمّا كان هذا منه (ص) توحيداً عقّبه تعالى شأنه باشراك آدم وحوّاء فى مخلوقه الّذى لا ينبغى الاشراك فيه اشراكاً فى الآلهة، وهو ينافى توحيد اله العالم الّذى هو دون توحيد الافعال والصّفات ابداءً لفضله (ص) وتقديماً لذمّ اولادهما فى الشّرك فى العبوديّة الّذى هو اقبح من الشّرك فى الآلهة ومستلزم له فقال { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ }.