التفاسير

< >
عرض

يَٰبَنِيۤ ءَادَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ ٱلتَّقْوَىٰ ذٰلِكَ خَيْرٌ ذٰلِكَ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ
٢٦
-الأعراف

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ يَابَنِيۤ آدَمَ } خطاب منه تعالى لبنى آدم (ع) اعتناءً بهم وتعداداً لنعمهم { قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً } يعنى خلقنا لكم ما يستر بشرتكم ويقيكم من الحرّ والبرد وما يستر عوراتكم البشريّة عن الانظار، وما تتجمّلون به من الملبوس الفاخر فانّ الرّيش هو ما يتجمّل به، وريش الطّائر جماله والوصفان قد يجتمعان فى واحدٍ، ويطلق الرّيش على متاع البيت وعلى ما يعيش الانسان به وعلى سعته ومكنته ونزولهما بحسب نزول اسباب مادّتهما من الامطار والآثار من تأثيرات الكواكب وحركات الافلاك، ونزول اسباب تحصيل صورتهما من التّميز وقوّة التّدبير، واذا اريد باللّباس ما يستر العورات المعنويّة من الافعال الحميدة والصّفات الجميلة ويؤيّده قوله { وَلِبَاسُ ٱلتَّقْوَىٰ ذٰلِكَ خَيْرٌ } فنزوله واضح، واضافة اللّباس الى التّقوى من قبل اضافة العامّ الى الخاصّ، او اضافة المسبّب الى السّبب، او اضافة المشبّه به الى المشبّه، فانّ التّقوى وان كان مفهومها راجعاً الى العدم لكن لها حقيقة وجوديّة بها يحصل التّنزّه عن الرّذائل من الافعال والاوصاف وبالتّنزّه تحصل الخصائل الّتى بها تستر العورات المعنويّة والنّقائص النّفسانيّة ويحصل التّجمّلات الانسانيّة، وفى الخبر: وامّا لباس التّقوى فالعفاف انّ العفيف لا يبدو له عورة وان كان عارياً من الثّوب، والفاجر بادى العورة وان كان كاسياً من الثّياب، وتخلّل اسم الاشارة بين المبتدء والخبر للاهتمام بذلك اللّباس وتصوير الامر المعنوىّ متمثّلاً حاضراً وقرئ لباس التّقوى بالنّصب عطفاً على لباساً { ذٰلِكَ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ } اى انزال اللّباس مع شدّة حاجتكم اليه، او كون لباس التّقوى خيراً بحيث لا يخفى عليكم او لباس التّقوى، فانّ ذلك كلّه من آيات علمه وحكمته وقدرته { لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } صرف الخطاب عنهم بطريق الالتفات وهو غاية لانزال اللّباس او لجعل ذلك من آياته.