التفاسير

< >
عرض

فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُوْلَـٰئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ ٱلْكِتَابِ حَتَّىٰ إِذَا جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوۤاْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا وَشَهِدُواْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ
٣٧
-الأعراف

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } اتى بفاء التّفريع والاستفهام الانكارىّ اشارة الى استنباطه ممّا سبق وتأكيداً لا ظلميّة المفترى، فانّ مفهومه وان كان لنفى اظلميّة الغير من المفترى لكنّ المقصود اثبات اظلميّة المفضّل عليه والمراد بالمفترى ائمّة الجور ورؤساء الضّلالة الّذين لم يكونوا اهلاً للرّياسة ويدّعون الخلافة وهم اشدّ ظلماً ممّن كذّب بآياته فقط، والقائل على الله ما لا يعلم أخفّ ظلماً منهما فانّه لا ينافى تصديق الآيات كما سبق { أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ } لانّه قد سبق انّه المستحقّ لصحابة النّار والمراد بالمكذّب بالآيات تابع ائمّة الجور والمقصود من الآيات اعظمها وغايتها الّتى هى الولاية ومن المفترين والمكذّبين منافقوا الامّة الّذين قبلوا الدّعوة الظّاهرة وبايعوا محمّداً (ص) بيعة اسلاميّة بقرينة قوله: { أُوْلَـٰئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ ٱلْكِتَابِ } لانّ المراد بالكتاب الكتاب المعهود المفسّر بكتاب النّبوّة، ولمّا كان لقبول الدّعوة الظّاهرة والاحكام القالبيّة الاسلاميّة شرافة واثر فمن قبل وعمل ولم يكن له نصيبٌ من الآخرة يناله اثر ذلك العمل والحظّ الموعود فى الدّنيا حتّى يخرج من الدّنيا وليس له حقّ على الله، من كان يريد ثواب الدّنيا باسلامه وقبول احكامه يؤته منها وماله فى الآخرة نصيب { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ } بقبض ارواحهم حال من الفاعل او المفعول او كليهما او مستأنف جواب لسؤالٍ مقدّرٍ، او هى جواب اذا وقوله و{ قَالُوۤاْ } حال او مستأنف، او عطف على جاءتهم او يتوفّونهم يعنى قال الرّسل تقريعاً لهم { أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } بالاعراض عن خلفائه ومظاهره الولويّة ودعوة غيرهم من مظاهر قهره واعوان اعدائه ممّن ادّعى الخلافة فى مقابل اوصيائه انبيائه (ع) { قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا } قالوا ذلك لانّهم كانوا اصحاب الخيال والكثرات ودعوتهم لائمّة الجور كانت من جهة الحدود والتّعيّنات وحين المحاسبة وظهور الوحدة لا يبقى حدّ وتعيّن ويرون انّهم كانوا ساترين فى تلك الدّعوة جهة الوحدة والولاية { وَشَهِدُواْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ } لوجهة القلب والولاية.