التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَٰتٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ وَلَـٰكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَٰهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ
٩٦
-الأعراف

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰ } قرى العالم الكبير او قرى العالم الصّغير { آمَنُواْ } بالبيعة العامّة { وَٱتَّقَواْ } بالبيعة الخاصّة فانّ التّقوى الحقيقيّة لايمكن حصولها الاّ بالولاية الحاصلة بالبيعة الخاصّة، لانّ حقيقة التّقوى كما سبق هى التّحرّز عن الطّريق المعوجّة النّفس الّتى توصّل السّالك الى ملكوت السّفلىّ، وبعبارةٍ اخرى هى التّحرّز عن السّلوك الى الملكوت السّفلى ودار الجنّة ولا يمكن ذلك التّحرّز الاّ بامتياز الطّريق المستقيم الّذى يوصل سالكه الى الملكوت العليا وسلوك ذلك الطّريق، ولا يحصل الامتياز الاّ بالولاية الحاصلة بالبيعة الخاصّة وقبول الدّعوة الباطنة لانّ بها انفتاح باب القلب الى الملكوت العليا وظهور طريقه اليها الّذى هو الطّريق المستقيم، وللاشارة الى هذا المعنى اخّر التّقوى ههنا عن الايمان وان كانت بمعنى آخر مقدّمة على الايمان، او المعنى، لو انّ اهل القرى آمنوا بالايمان الخاصّ الحاصل بالبيعة الخاصّة الولويّة واتّقوا ما ينافى ايمانه الدّاخل فى قلبه من الفعليّة الحاصلة فى قلب المؤمن من قبول الولاية ومن الذّكر المأخوذ من صاحبه ومن الفكر الحاصل من مداومة الّذكر الّذى هو ملكوت الامام وصورته المثاليّة الّتى تظهر على قلب المؤمن السّالك ويشاهدها فى مرآة صدره؛ هذا فى الكبير، وامّا فى الصّغير فالمعنى لو انّ اهل القرى آمنوا واذعنوا بحكومة العقل ولا سيّما العقل المنقاد لولىّ الامر واطاعوه فى حكومته واتّقوا من مخالفة احكامه { لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ } اعلم، انّ الانسان بحسب التّحليل الاوّل ينحلّ الى جزءٍ روحانىّ سماوىٍّ وجزء جمسانىّ ارضىٍّ، وله بحسب كلّ جزءٍ حاجات وطلبات وملائمات ومنافرات وهما اللّتان يعبّر عنهما بالخيرات والشّرور، والبركة هى الزّيادة والكثرة فى الخيرات فاذا آمن الانسان وانقاد لكثر خيراته الجسمانيّة الحاصلة من الارض وخيراته الرّوحانيّة الحاصلة من السّماء، وايضاً كثر خيراته الرّوحانيّة والجسمانيّة من اعتناق سماوات الطّبع مع ارض الطّبع، ومن اعتناق سماوات الارواح مع اراضى الاشباح النّوريّة والظّلمانيّة ذلك تقدير العزيز العليم { وَلَـٰكِن كَذَّبُواْ } الرّسل (ع) واوصياءهم والعقل وحكمه { فَأَخَذْنَاهُمْ } اى عاقبناهم { بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } من نتائج اعمالهم وتكذيبهم.