التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ دَآئِمُونَ
٢٣
-المعارج

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ ٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ دَآئِمُونَ }.
اعلم، انّ الصّلاة اسم لكلّ ما به يتوجّه الى الله ولذلك لم يكن شريعة الاّ وكانت الصّلاة فى تلك الشّريعة وبعبارةٍ اخرى الصّلاة هى التّحلّى بحلى اوصاف الرّوحانيّين كما انّ الزّكاة كانت اسماً للتّبرّى من كلّ ما يتبرّى منه ولذلك كانت فى كلّ شريعة، وصلاة القالب كانت فى الشّرائع بحسب الاذكار والافعال مختلفة، ولمّا كانت شريعة محمّدٍ (ص) اكمل الشّرائع جعلت الصّلاة القالبيّة فيها اكمل الصّلوات مشتملةً على عبادات جميع اصناف الملائكة من الّذين هم قيام لا ينظرون ومن الرّكع والسّجّد وعلى صلاة جميع اصناف المواليد من الطّبائع المنطبعة والنّفوس النّباتيّة الّتى هى بوجهٍ قيام لا ينظرون، وبوجهٍ سجّد ومنطبعة، ومن النّفوس الحيوانيّة الّتى هى بالطّبع راكعة منكوسة، ومن النّفوس الانسانيّة الّتى هى قائمة باحسن التّقويم متمكّنة من الرّكوع والسّجود، والقيام الّتى كانت لسائر الموجودات، ولمّا كانت الصّلاة القالبيّة مانعة من الاشغال الضّروريّة من الاكل والشّرب وطلب الحاجات وقضاء الحاجة والنّوم كانت لا يمكن ادامتها الاّ على ضرب من التّأويل والمجاز بان يكون المراد من ادامتها عدم فوتها عن اوقاتها المقرّرة، فليكن المراد ادامة الصّلاة القلبيّة المأخوذة من ولىّ الامر فانّها ان كان الانسان مواظباً عليها مستغرقاً فيها لم يكن يمنع الاشغال الضّروريّة عن اقامتها بل يكون الانسان فى حالة النّوم ايضاً مشغولاً بها من غير تعمّلٍ وفكر ورويّةٍ، ولذلك قال: على صلاتهم يعنى صلاتهم المخصوصة بهم فانّ لكلّ انسانٍ صلاةً خاصّةً لا يشاركه فيها غيره بخلاف الصّلاة القالبيّة فانّها مشرّعة للكلّ لا اختصاص لها بفرد دون فرد، وفى الخبر: اذا فرض على نفسه شيئاً من النّوافل دام عليه، وفى خبرٍ: الّذين يقضون ما فاتهم من اللّيل بالنّهار وما فاتهم من النّهار باللّيل، ومجمل القول انّ الولاية الحاصلة بالبيعة الثّانية هى الصّلاة الّتى تزكّى الانسان من الرّذائل الّتى منها كونه هلوعاً وتحلّيه بحلية الخصائل الحسنة الّتى منها ادامة الصّلاة القالبيّة والقلبيّة والصّدريّة.