التفاسير

< >
عرض

قُتِلَ أَصْحَابُ ٱلأُخْدُودِ
٤
-البروج

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ قُتِلَ أَصْحَابُ ٱلأُخْدُودِ } جواب للقسم او جملة دعائيّة معترضة بين القسم وجوابه او خبريّة معترضة واخبار عن حال الكفّار الّذين احرقوا المؤمنين او اخبار عن حال المؤمنين الّذين اُحرقوا فى الاخدود.
ذكر حكاية اصحاب الاخدود
وذكر حكاية اصحاب الاخدود فى روايات الخاصّة والعامّة باختلافٍ؛ فانّه روى
"عن رسول الله (ص) انّه كان ملك وكان له ساحر فلمّا مرض السّاحر قال: ادفع الىّ غلاماً اعلّمه السّحر، فدفع اليه غلاماً وكان بينه وبين السّاحر راهب فمرّ الغلام بالرّاهب فافتتن به فبينما هو كذلك قد حبس النّاس حيّة، فقال: اليوم اعلم امر السّاحر والرّاهب فأخذ حجراً فقال: اللّهمّ ان كان امر الرّاهب احبّ اليك فاقتل هذه الحيّة فقتلها ومضى النّاس فأخبر بذلك الرّاهب، فقال: يا بنىّ انّك ستبتلى فلا تدلّ علىّ، وجعل يداوى النّاس ويبرء الاكمه والابرص فعمى جليس الملك فاتاه وحمل اليه مالاً كثيراً فقال: اشفنى ولك ما ههنا، فقال: انّ الله يشفى فان امنت بالله دعوت الله فآمن فدعا الله فشفاه، فجلس الى الملك فقال: من شفاك؟ - قال: ربّى، قال: انا؟ - قال: لا، ربّى وربّك الله، فأخذه ولم يزل به حتّى دلّه على الغلام، فأخذه فلم يزل به حتّى دلّه على الرّاهب، فوضع المنشار عليه فنشره شقّين وقال للغلام: ارجع عن دينك، فأبى، فأمر ان يصعدوا به الى جبل كذا فان رجع والاّ يدهدهوه، ففعل به، فلمّا صعدوا به الجبل قال: اللّهمّ اكفنيهم، فكفاه الله واهلكهم، فرجع الى الملك وقال: كفانيهم الله، فقال: اذهبوا به فأغرقوه فى البحر، فكفاه الله تعالى واغرقهم، فجاء الى الملك وقال: كفانيهم الله، وقال: انّك لست بقاتلى حتّى تفعل بى ما آمرك، اجمع النّاس ثمّ اصلبنى على جذعٍ ثمّ خذ سهماً من كنانتى ثمّ ضعه على كبد القوس، ثمّ قل: باسم ربّ الغلام فانّك ستقتلنى، ففعل به ما قال فوقع السّهم فى صدغه ومات، فقال النّاس: آمنّا بربّ الغلام، فقيل له: أرأيت ما كنت تخاف قد نزل بك: آمن النّاس بربّ الغلام فأمر بالاخدود فخدّت على افواه السّكك ثمّ اضرمها ناراً فقال: من رجع عن دينه فدعوه، ومن ابى فأقمحموه فيها، وجاءت امرأة بابنٍ لها فقال لها يا امّه اصبرى فانّك على الحقّ، فلمّا رأى النّاس ذلك اشتدّ ثبات المؤمنين وشوق سائر النّاس الى دين الغلام" . ونسب الى امير المؤمنين (ع) انّ ملكاً سكر فوقع على ابنته او قال على اخته، فلمّا افاق قال لها: كيف المخرج مّا وقعت فيه؟ - قالت: تجمع اهل مملكتك وتخبرهم انّك ترى نكاح البنات وتأمرهم ان يحلّوه، فجمعهم فأخبرهم، فأبوا ان يتابعوه فخدّ لهم اخدوداً فى الارض واوقد فيه النّيران وعرضهم عليها، فمن أبى قذفه فى النّار ومن اجاب خلّى سبيله، ونسب الى امير المؤمنين (ع) انّ الله بعث رجلاً حبشيّاً نبيّاً فكذّبوه قومه فقاتلهم فقتلوا اصحابه واسروه ثمّ بنوا له حيّزاً ثمّ ملأوه ناراً ثمّ جمعوا النّاس وقالوا: من كان على ديننا وامرنا فليعتزل، ومن كان على دين هؤلاء فليرم نفسه فى النّار معه، فجعل اصحابه يتهافتون فى النّار فجاءت امرأة ومعها صبىّ ابن شهرٍ فتكلّم الصّبىّ كما سبق، وروى عن علىٍّ (ع) ايضاً: انّ اصحاب الاخدود كانوا عشرة وعلى مثالهم عشرة يقتلون فى هذا السّوق يعنى سوق الكوفة، وقيل انّ يوسف بن ذى نواس الحميرىّ سمع انّ بنجران اليمن جمعاً على دين عيسى (ع) فسار اليهم وحملهم على التّهوّد فأبوا فخدّ لهم فى الارض واوقد وعرضهم عليها، فمن رجع عن دين عيسى سلم ومن لم يرجع كان يلقى فى النّار، واذاً امرأة جاءت مع ابنٍ لها فتكلّم الصّبىّ كما سبق، واصحاب الاخدود على التّأويل من دخل فى اخاديد الطّبع وابتلى بنار شهوات النّفس وغضباتها واهلك عن الفطرة الانسانيّة.