التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ
٦
إِرَمَ ذَاتِ ٱلْعِمَادِ
٧
-الفجر

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ أَلَمْ تَرَ } هذا الخطاب لمحمّدٍ (ص) او عامٌّ وهذا قرينة جواب القسم والتّقدير لنهلكنّ الّذين افسدوا فى الارض الم تر { كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ } عاد اسم لقوم هود سُمّوا باسم ابيهم فانّ عاداً كان عادين، عاداً الاولى، وعاداً الاخرى وقوله تعالى { إِرَمَ } كعنب اسم آخر لعاد، او هو اسم جدّ عادٍ، او هو اسم سام بن نوح، فانّ عاداً كان ابن عوص بن آدم بن سام بن نوح (ع)، وقوم هود كانوا اولاد عاد سُمّوا باسم جدّهم وابيهم، او هو اسم لقبيلة هود، وقيل: هو اسم لقبيلةٍ من قوم هودٍ كان الملك فيهم، وقيل: هو اسم بلدٍ، وقيل: هو دمشق، وقيل: هو مدينة الاسكندريّة، وقيل: هو اسم لجنّة شدّادٍ، وعلى اىّ تقديرٍ فهو بدل من عادٍ امّا بدل الكلّ من الكلّ، او بدل الاشتمال، فانّه اذا كان اسماً للبلد فان اريد به اهله كان بدل الكلّ من الكلّ، وان اريد به نفس البلد كان بدل الاشتمال { ذَاتِ ٱلْعِمَادِ } العماد بالكسر الشّجعان من العسكر والابنية الرّفيعة والعمود والاخبية، واهل العماد اهل الاخبية، وقيل: سمّاهم الله ذات العماد لانّهم كانوا اهل الاخبية وكانوا سيّارين لرعى مواشيهم، وقيل: معناه ذات الطّول والشّدّة، او كانوا اهل القصور الرّفيعة، او كان فيه شجعان قويّة.
وصف ارم ذات العماد
قيل: خرج رجلٌ يقال له عبد الله بن قلابة فى طلب ابلٍ له شردت، فبينا هو فى صحارى عدنٍ اذ هو قد وقع على مدينةٍ عليها حصنٌ فلمّا دنى منها ظنّ انّ فيها احداً يسأله عن ابله فنزل عن دابّته وعقلها وسلّ سيفه ودخل الحصن، فاذا هو ببابين عظمين لم ير اعظم منهما مرصّعين بالياقوت الابيض والاحمر فدهش، وفتح احد البابين فاذا هو بمدينةٍ لم ير احد مثلها، فيها قصور فوقها غرف وفوق الغرف غرف مبنيّة بالذّهب والفضّة واللّؤلؤ والياقوت، ومصاريع تلك الغرف مثل مصراع المدينة مفروشة كلّها باللّئالى وبنادق من مسك وزعفران، فلمّا لم ير فيها احداً هاله ذلك ونظر فرأى اشجاراً فى ازقّتها مثمرةً وتحت الاشجار انهار جارية من قنوات من فضّة، فظنّ الرّجل انّها هى الجنّة الموصوفة فى القرآن فحمل معه من لؤلؤها ومن بنادق المسك والزّعفران، ولم يستطع ان يقلع من زبرجدها وياقوتها وخرج ورجع الى اليمن واخبر النّاس فانتشر الخبر حتّى بلغ معاوية خبره، فأرسل اليه فقصّ عليه القصّة فأرسل معاوية الى كعب الاحبار فلمّا أتاه سأله عن ذلك فقال: اخبرك بتلك المدينة وبمن بناها، بناها شدّاد بن عادٍ والمدينة ارم ذات العماد الّتى وصفها الله تعالى انّ عاداً الاولى ابا قوم هودٍ كان له ابنان شدّاد وشديد فهلك عادٌ وبقيا وقهرا البلاد، فهلك شديد وبقى شدّاد مالكاً لجميع ملوك الارض، فدعته نفسه الى ان بنى مثل الجنّة الّتى وصفها الله لانبيائه (ع) فأمر ببناء تلك المدينة وامّر على صنعتها مائة قهرمانٍ مع كلّ قهرمانٍ الف من الاعوان، وكتب الى ملوك الدّنيا ان يجمعوا له ما فى بلادهم من الجواهر واقاموا فى بنائها مدّة طويلة ثمّ سار الملك اليها فى جنده ووزرائه فلمّا كان منها على مسيرة يومٍ بعث الله عليه وعلى من معه صيحةً من السّماء فأهلكتهم جميعاً، وسيدخلها فى زمانك رجلٌ من المسلمين احمر اشقر قصيرٌ على حاجبه خالٌ وعلى عنقه خالٌ يخرج فى طلب ابلٍ له وكان الرّجل عند معاوية فالتفت اليه وقال: هذا والله ذلك الرّجل.