التفاسير

< >
عرض

ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِٱلْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ ٱللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ
٦٧
-التوبة

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِّن بَعْضٍ } ليسوا منكم كما ادّعوا والجملة خبر عن المنافقون او حال عن المنافقون والمنافقات او معترضة { يَأْمُرُونَ بِٱلْمُنكَرِ } قالاً وحالاً وجوداً فى عالمهم الصّغير والعالم الكبير لانّهم متصوّرون بصور المنكرات وكلّ يعمل على شاكلته فكلّ امرءٍ متصوّر بصورة المنكر يأمر على وفق صورته بالمنكر ولم يكن له شأن سوى الامر بالمنكر لكون شاكلته المنكر وان كان صورة امره امراً بالمعروف ولذلك أتى بالمضارع الدّالّ على الاستمرار التّجدّدىّ { وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمَعْرُوفِ } لانّهم ينأون عنه والنّائى عن الشّيء الغير المتصوّر به ينهى عنه لا محالة { وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ } الظّاهرة عن الانفاق ابتغاء رضى الله حرصاً بالمال غير معتقد بالاجر والعوض من الله وعن البيعة مع النّبىّ (ص) والولىّ (ع) وايديهم الباطنة عن التّوسّل بذيل النّبوّة والولاية، وعن التبتّل الى الله والتّضرّع عنده، وعن الامتداد الى الخيرات الكثيرة الرّوحانيّة، وعن انفاق اموالهم الباطنة الّتى هى القوى البدنيّة والاخلاق النّفسيّة الرّذيلة الّتى فى انفاقها الوعد بالمائة الى سبعمائة والله يضاعف لمن يشاء { نَسُواْ ٱللَّهَ } جواب لسؤالٍ ناشٍ عن ذكر اوصافهم الّذميمة الّتى تقتضى السّؤال عن علّتها او عن وصفٍ آخر ذميم لهم فهو فى مضوع التّعليل او بيان حال آخر ذميم لهم والنّسيان هو الغفلة عن المعلوم بحيث يزول عن خزانته ويحتاج الى مشاهدة جديدة ان كان من المشاهدات، او كسب جديد ان كان من الكسبيّات بخلاف السّهو، فانّه الغفلة عنه بحيث لا يزول عن الخزانة ولا يحتاج الى سبب جديد بل يستحضر بأدنى تأمّل فالفرق بينهما بالشّدّة والضّعف، ولمّا كان معرفة الله فطريّة لكلّ احد بل لكلّ موجود والانسان بمجاهداته ورياضاته او بافكاره وانظاره يستكشف ذلك المعلوم الفطرىّ وبتدنّساته ومعاصيه يستر ذلك المعلوم الفطرىّ استعمل النّسيان ومن باب المشاكلة قال تعالى { فَنَسِيَهُمْ } مجازاً اى تركهم وأسقطهم عن نظره وافاضة رحمته { إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } تعليل او بيان ذمّ آخر ووضع المظهر موضع المضمر للتّكرار المطلوب فى مقام السّخط ولذا غلظ عليهم بالتأكيدات الاربعة؛ انّ واسميّة الجملة وضمير الفصل وتعريف المسند، وللتّفظيع وللاشارة الى علّة الحكم واسقط المنافقات تغليباً ولعدم المبالاة بهنّ.