التفاسير

< >
عرض

وَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ ٱسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ ٱلطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُنْ مَّعَ ٱلْقَاعِدِينَ
٨٦
رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ
٨٧
لَـٰكِنِ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱلْخَيْرَاتُ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ
٨٨
-التوبة

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ ٱسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ ٱلطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُنْ مَّعَ ٱلْقَاعِدِين } لعذرٍ وهو ذمّ آخر لهم حيث انّهم لدناءتهم وتعلّق قلوبهم بدنياهم وزخارفها كالنّساء يستأذنونك للقعود ولذا قال { رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوَالِفِ } جمع الخالفة يعنى انّهم لدناءتهم رضوا بان يعدّوا فى النّساء، واستعمال الخوالف فى النّساء والمخلّفون فى الرّجال لاستعدادهم للخروج وعدم استعدادهنّ له { وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ } حيث لا يدركون ادراكاً يؤدّى بهم الى الاغراض والغايات وان كانوا فى غاية الفطانة والمداقّة فى امور الدّنيا والادراكات الخياليّة بحيث يعدّون فى انظار اهل الحسّ علماء حكماء، والاّ فليعلموا الغرض من الجهاد وانّ فيه خير الدّنيا والآخرة، باستكمال النّفس فى الدّنيا بالصّفات الحسنة من الشّجاعة والسّخاوة وعدم الاعتناء بالدّنيا وحيوتها، وباستجماع الغنائم مع ما وعدوا من اجور الآخرة، وليس فى التّخلّف الاّ الاتّصاف بصفات النّساء والرّكون الى الدّنيا وقطع الطّمع عن العقبى ولمّا ذمّ الاموال والاولاد توهّم انّها مذمومة على كلّ حال، والحال انّ كثرة الاموال والاولاد تكون فى المؤمنين ولمّا ذمّ القاعدين عن الجهاد توهّم انّه فى المؤمنين يكون من يكره الخروج ويحبّ القعود فاستدرك ذلك بقوله { لَـٰكِنِ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ } الّذين هم اولوا الطّول الحقيقىّ { جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُوْلَـٰئِكَ } العظماء { لَهُمُ } خاصّة { ٱلْخَيْرَاتُ } النّفسانيّة والبدنيّة من استكمال النّفوس بالخصائل واخراجها من الرّذائل واستجماع الغنيمة مع النّصرة والطّول مع الاواد والصّيت والثّناء { وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } تكرار اسم الاشارة للتمكين وتصويرهم باوصافهم المذكورة ليكون كالعلّة ولاختصاص كلّ من المسندين على حياله.