التفاسير

< >
عرض

فَإِذَا فَرَغْتَ فَٱنصَبْ
٧
وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَٱرْغَبْ
٨
-الشرح

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ فَإِذَا فَرَغْتَ فَٱنصَبْ وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَٱرْغَبْ } نصب من باب علم بمعنى اعيى واتعب، وعيش ناصبٌ ذو كدّ وجهد، ونصب من باب ضرب بمعنى رفع ووضع من الاضداد، ونصب له من باب ضرب بمعنى عاداه، والنّاصبىّ من كان معادياً لعلىٍّ (ع) مبالغةٌ فى النّاصب، او منسوب الى من ابدع المعاداة له (ص) اوّلاً، والمعنى كلّما فرغت ممّا عليك من مرمّة معاشك ومن دعوة الخلق وجهادهم وممّا افترض الله عليك من امور دينك فاجهد واتعب فى ابتغاء وجه الله ومرضاته، وقيل: اذا فرغت من عبادة فعقّبها باخرى ولا تخلّ وقتاً من اوقاتك فارغاً لم تشغله بعبادة، وعن الصّادقين (ع): فاذا فرغت من الصّلاة المكتوبة فانصب الى ربّك فى الدّعاء وارغب اليه فى المسئلة يعطك، وعن الصّادق (ع): هو دعاء فى دَبْر الصّلاة وانت جالس، وقيل: اذا فرغت من الفرائض فانصب فى قيام اللّيل، وقيل: اذا فرغت من دنياك فانصب فى عبادة ربّك، وقيل: اذا فرغت من الجهاد فانصب فى العبادة، او فانصب فى جهاد نفسك، وقيل: اذا فرغت من العبادة فانصب لطلب الشّفاعة، وقيل: اذا صححت وفرغت من المرض فانصب فى العبادة، وقيل: اذا فرغت ممّا يهمّك فانصب فى الفرار من النّار، وعن الصّادق (ع): اذا فرغت من نبوّتك فانصب عليّاً (ع)، { وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَٱرْغَبْ }، وعنه انّه قال: يقول: فاذا فرغت فانصب علمك واعلن وصيّك فأعلمهم فضله علانيةً فقال: من كنت مولاه فعلىٌّ مولاه، الحديث، قال: وذلك حين أُعلم بموته ونُعِيَت اليه نفسه، وظاهر هذين الخبرين انّه (ع) قرئ: انصب بكسر الصّاد، ويمكن استفادة هذا المعنى من القراءة المشهورة لجواز ان يكون المعنى اذا فرغت من تبليغ الرّسالة وتبليغ جميع الاحكام، او من حجّة الوداع فجدّ واتعب فى خلافة علىٍّ (ع) فيكون بمعنى اعى، او بمعنى ارفع خليفتك واعلنه، او بمعنى ارفع خليفتك عليهم، قال الزّمخشرىّ: ومن البدع ما روى عن بعض الرّافضة انّه قرئ فانصب بكسر الصّاد اى فانصب عليّاً (ع) للامامة، ولو صحّ هذا للرّافضىّ لصحّ للنّاصبىّ ان يقرأه هكذا ويجعله آمراً بالنّصب الّذى هو بغض علىٍّ (ع) اقول: ليس فى القراءات المشهورة ولا فى الشّاذّة قراءة انصب بكسر الصّاد، ولا دلالة فيما ذكرناه من الرّوايتين على القراءة المذكورة، وقوله تعالى بعد ذلك: { وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَٱرْغَبْ }، يدلّ على انّه امر بنصب الخليفة فانّ ظاهره يدلّ على نعى نفسه (ص)، والمناسب لنعى نفسه تعيين الوصىّ لنفسه ونصب خليفةٍ للنّاس لئلاّ ينفصم نظامهم.