التفاسير

< >
عرض

ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ
١
-العلق

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ } فى اكثر الاخبار من طرق العامّة والخاصّة انّ هذه السّورة اوّل سورةٍ نزلت عليه (ص) وكانت هذه السّورة فى اوّل يومٍ نزل جبرئيل على رسول الله (ص) واوّل ما نزل كان خمس آياتٍ من اوّلها، وقيل: اوّل ما نزل سورة المدّثّر، وقيل: فاتحة الكتاب، ولفظة الباء فى باسم ربّك للسّببيّة او للاستعانة، والمعنى انّك كنت قبل ذلك تقرأ بنفسك، وبعد ما فنيت من نفسك وابقيت بعد الفناء وارجعت الى الخلق صرت مشاهداً للحقّ فى الخلق وفاعلاً وقائلاً وقارياً بالحقّ لا بنفسك، فاقرء مكتوبات الله فى الواح الطّبائع والمثال ومقروّات ملائكته عليك ومسموعاتك من وسائط الحقّ تعالى بعد ما رجعت الى الخلق باسم ربّك لا بنفسك، وقيل: لفظة الباء زائدة، والمعنى اقرء اسم ربّك والمعنى انّك كنت تقرأ قبل الفناء اسماء الاشياء، وبعد البقاء ينبغى ان تقرأ اسم ربّك لانّك لا ترى بعد ذلك الاّ اسماء الله لا اسماء الاشياء { ٱلَّذِي خَلَقَ } يعنى بعد الرّجوع لا ترى الاشياء الاّ مخلوقين من حيث انّهم مخلوقون، ولمّا كان قوام المخلوق من حيث انّه مخلوق بالخالق بل ليس للمخلوق من تلك الحيثيّة شيئيّة وانانيّة الاّ شيئيّة الخالق وانانيّته فلم يكن فى نظرك الاّ اسم الله الخالق، ولمّا كان ظهور خالقيّته واتقان صنعه ودقائق حكمته وحسن صانعيّته بخلق الانسان والسّير من مقام كماله فى خلقه او فى امره وخلقه الى اخسّ موادّه بطريق السّير المعكوس قال تعالى { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ }.