التفاسير

< >
عرض

نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلاَ تُصَدِّقُونَ
٥٧
أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ
٥٨
ءَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ ٱلْخَالِقُونَ
٥٩
نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ ٱلْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ
٦٠
عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَـٰلَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ
٦١
وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُولَىٰ فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ
٦٢
أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ
٦٣
ءَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ ٱلزَّارِعُونَ
٦٤
لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ
٦٥
إِنَّا لَمُغْرَمُونَ
٦٦
بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ
٦٧
أَفَرَءَيْتُمُ ٱلْمَآءَ ٱلَّذِي تَشْرَبُونَ
٦٨
ءَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ ٱلْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنزِلُونَ
٦٩
لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ
٧٠
أَفَرَأَيْتُمُ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي تُورُونَ
٧١
أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنشِئُونَ
٧٢
نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ
٧٣
فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ
٧٤
فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ ٱلنُّجُومِ
٧٥
وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ
٧٦
إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ
٧٧
فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ
٧٨
لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ ٱلْمُطَهَّرُونَ
٧٩
تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ
٨٠
أَفَبِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَنتُمْ مُّدْهِنُونَ
٨١
وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ
٨٢
فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ ٱلْحُلْقُومَ
٨٣
وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ
٨٤
وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَـٰكِن لاَّ تُبْصِرُونَ
٨٥
فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ
٨٦
تَرْجِعُونَهَآ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
٨٧
فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ
٨٨
فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ
٨٩
وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ
٩٠
فَسَلاَمٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ
٩١
وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلْمُكَذِّبِينَ ٱلضَّآلِّينَ
٩٢
فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ
٩٣
وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ
٩٤
إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ حَقُّ ٱلْيَقِينِ
٩٥
فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ
٩٦
-الواقعة

الميزان في تفسير القرآن

(بيان)
لما فصّل سبحانه القول فيما ينتهي إليه حال كل من الأزواج الثلاثة ففصّل حال أصحاب الشمال وأن الذي ساقهم إلى ذلك نقضهم عهد العبودية وتكذيبهم للبعث والجزاء وأمر نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يردّ عليهم بتقرير البعث والجزاء وبيان ما يجزون به يوم البعث.
وبّخهم على تكذيبهم بالمعاد مع أن الذي يخبرهم به هو خالقهم الذي يدبر أمرهم ويقدّر لهم الموت ثم الإنشاء فهو يعلم ما يجري عليهم مدى وجودهم وما ينتهي إليه حالهم ومع أن الكتاب الذي ينبّئهم بالمعاد هو قرآن كريم مصون من أن يلعب به أيدي الشياطين وأولياؤهم المضلّين.
ثم يعيد الكلام إلى ما بدئ به من حال الأزواج الثلاثة ويذكر أن اختلاف أحوال الأقسام يأخذ من حين الموت وبذلك تختتم السورة.
قوله تعالى: { نحن خلقناكم فلولا تصدّقون } السياق سياق الكلام في البعث والجزاء وقد أنكروه وكذبوا به، فقوله: { فلولا تصدقون } تحضيض على تصديق حديث المعاد وترك التكذيب به، وقد علله بقوله: { نحن خلقناكم } كما يستفاد من التفريع الذي في قوله: { فلولا تصدقون }.
وإيجاب خلقه تعالى لهم وجوب تصديقه فيما يخبر به من المعاد من وجهين: أحدهما: أنه تعالى خلقهم أول مرة فهو قادر على إعادة خلقهم ثانياً كما قال:
{ { قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم } [يس: 78-79]. وثانيهما: أنه تعالى لما كان هو خالقهم وهو المدبر لأمرهم المقدر لهم خصوصيات خلقهم وأمرهم فهو أعلم بما يفعل بهم وسيجري عليهم فإذا أنبأهم بأنه سيبعثهم بعد موتهم ويجزيهم بما عملوا إن خيراً وإن شراً لم يكن بدّ من تصديقه فلا عذر لمن كذب بما أخبر به كتابه من البعث والجزاء، قال تعالى: { { ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير } [الملك: 14]، وقال: { { كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين } [الأنبياء: 104]، وقال: { { وعد الله حقاً ومن أصدق من الله قيلاً } [النساء: 122]. فمحصل الآية: نحن خلقناكم ونعلم ما فعلنا وما سنفعل بكم فنخبركم أنّا سنبعثكم ونجزيكم بما عملتم فهلاّ تصدقون بما نخبركم به فيما أنزلناه من الكتاب.
وفي الآية وما يتلوها من الآيات التفات من الغيبة إلى الخطاب لأن السياق سياق التوبيخ والمعاتبة وذلك بالخطاب أوقع وآكد.
قوله تعالى: { أفرأيتم ما تمنون } الإمناء قذف المني وصبّه والمراد قذفه وصبّه في الأرحام، والمعنى: أفرأيتم المني الذي تصبونه في أرحام النساء.
قوله تعالى: { ءأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون } أي ءأنتم تخلقونه بشراً مثلكم أم نحن خالقوه بشراً.
قوله تعالى: { نحن قدَّرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين } تدبير أمر الخلق بجميع شؤونه وخصوصياته من لوازم الخلق بمعنى إفاضة الوجود فوجود الإنسان المحدود بأول كينونته إلى آخر لحظة من حياته الدنيا بجميع خصوصياته التي تتحول عليه بتقدير من خالقه عز وجل. فموته أيضاً كحياته بتقدير منه، وليس يعتريه الموت لنقص من قدرة خالقه أن يخلقه بحيث لا يعتريه الموت أو من جهة أسباب وعوامل تؤثر فيه بالموت فتبطل الحياة التي أفاضها عليه خالقه تعالى فإن لازم ذلك أن تكون قدرته تعالى محدودة ناقصة وأن يعجزه بعض الأسباب وتغلب إرادته إرادته وهو محال كيف؟ والقدرة مطلقة والإرادة غير مغلوبة.
ويتبين بذلك أن المراد بقوله: { نحن قدرنا بينكم الموت } أن الموت حق مقدَّر وليس أمراً يقتضيه ويستلزمه نحو وجود الحي بل هو تعالى قدر له وجوداً كذا ثم موتاً يعقبه.
وأن المراد بقوله: { وما نحن بمسبوقين } - والسبق هو الغلبة والمسبوق المغلوب - ولسنا مغلوبين في عروض الموت عن الأسباب المقارنة له بأن نفيض عليكم حياة نريد أن يدوم ذلك عليكم فيسبقنا الأسباب وتغلبنا فتبطل بالموت الحياة التي كنا نريد دوامها.
قوله تعالى: { على أن نبدّل أمثالكم وننشئكم فيما لا تعلمون } { على } متعلقة بقوله: { قدرنا } وجملة الجار والمجرور في موضع الحال أي نحن قدرنا بينكم الموت حال كونه على أساس تبديل الأمثال والإنشاء فيما لا تعلمون.
والأمثال جمع مثل بالكسر فالسكون ومثل الشيء ما يتحد معه في نوعه كالفرد من الإنسان بالنسبة إلى فرد آخر، والمراد بقوله: { أن نبدل أمثالكم } أن نبدل أمثالكم من البشر منكم أو نبدل أمثالكم مكانكم، والمعنى على أي حال تبديل جماعة من أُخرى وجعل الأخلاف مكان الأسلاف.
وقوله: { وننشئكم فيما لا تعلمون } { ما } موصولة والمراد به الخلق والجملة معطوفة على { نبدل } والتقدير وعلى أن ننشئكم ونوجدكم في خلق آخر لا تعلمونه وهو الوجود الأخروي غير الوجود الدنيوي الفاني.
ومحصل معنى الآيتين أن الموت بينكم إنما هو بتقدير منا لا لنقص في قدرتنا بأن لا يتيسر لنا إدامة حياتكم ولا لغلبة الأسباب المهلكة المبيدة وقهرها وتعجيزها لنا في حفظ حياتكم وإنما قدرناه بينكم على أساس تبديل الأمثال وإذهاب قوم والإتيان بآخرين وإنشاء خلق لكم يناسب الحياة الآخرة وراء الخلق الدنيوي الداثر فالموت انتقال من دار إلى دار وتبدّل خلق إلى خلق آخر وليس بانعدام وفناء.
واحتمل بعضهم أن يكون الأمثال في الآية جمع مثل بفتحتين وهو الوصف فتكون الجملتان { على أن نبدل } الخ، و { ننشئكم } الخ، تفيدان معنى واحداً، والمعنى: على أن نغير أوصافكم وننشئكم في وصف لا تعرفونه أو لا تعلمونه كحشركم في صفة الكلب أو الخنزير أو غيرهما من الحيوان بعد ما كنتم في الدنيا على صفة الإنسان، والمعنى السابق أجمع وأكثر فائدة.
قوله تعالى: { ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكّرون } المراد بالنشأة الأولى نشأه الدنيا، والعلم بها بخصوصياتها يستلزم الإذعان بنشأة أخرى خالدة فيها الجزاء، فإن من المعلوم من النظام الكوني أن لا لغو ولا باطل في الوجود فلهذه النشأة الفانية غاية باقية، وأيضاً من ضروريات هذا النظام هداية كل شيء إلى سعادة نوعه وهداية الإنسان تحتاج إلى بعث الرسل وتشريع الشرائع وتوجيه الأمر والنهي، والجزاء على خير الأعمال وشرّها وليس في الدنيا فهو في دار أخرى وهي النشأة الآخرة.
على أنهم شاهدوا النشأة الأولى وعرفوها وعلموا أن الذي أوجدها عن كتم العدم هو الله سبحانه وإذ قدر عليها أولاً فهو على إيجاد مثلها ثانياً قادر، قال تعالى:
{ { قل يحييها الذي أنشأها أول مرة } [يس: 79]، وهذا برهان على الإمكان يرتفع به استبعادهم للبعث.
وبالجملة يحصل لهم بالعلم بالنشأة الأولى علم بمبادئ البرهان على إمكان البعث فيرتفع به استبعاد البعث فلا استبعاد مع الإمكان.
وهذا - كما ترى - برهان على إمكان حشر الأجساد، محصله أن البدن المحشور مثل البدن الدنيوي وإذ جاز صنع البدن الدنيوي وإحياؤه فليجز صنع البدن الأخروي وإحياؤه لأنه مثله وحكم الأمثال فيما يجوز وفيما لا يجوز واحد.
فمن العجيب قول الزمخشري في الكشاف في الآية: وفي هذا دليل على صحة القياس حيث جهّلهم في ترك قياس النشأة الأخرى بالأولى. انتهى. وذلك لأن الذي في الآية قياس برهاني منطقي والذي يستدل بها عليه قياس فقهي مفيد للظن فأين أحدهما من الآخر؟
وقال في روح المعاني في الآية: فهلاّ تتذكرون أن من قدر عليها يعني على النشأة الأولى فهو على النشأة الأخرى أقدر وأقدر فإنها أقل صنعاً لحصول المراد وتخصيص الأجزاء وسبق المثال، وهذا على ما قالوا دليل على صحة القياس لكن قيل: لا يدل إلا على قياس الأولى لأنه الذي في الآية. انتهى.
وفيه ما في سابقه. على أن الذي في الآية ليس من قياس الأولى في شيء لأن الجامع بين النشأة الأولى والأخرى أنهما مثلان ومبدأ القياس أن حكم الأمثال فيما يجوز وفيما لا يجوز واحد.
وأما قوله: إن النشأة الأخرى أقل صنعاً لحصول المواد وتخصيص الأجزاء، فهو ممنوع فإن المواد تحتاج إلى إفاضة الوجود بقاء كما تحتاج إليها في حدوثها وأول حصولها، وكذا تخصص الأجزاء يحتاج إليها بقاء كما تحتاج إليها فالصنع ثانياً كالصنع أولاً.
وأما قوله: وسبق المثال، فقد خلط بين المثل والمثال فالبدن الأخروي بالنظر إلى نفسه مثل البدن الدنيوي لا على مثاله ولو كان على مثاله كانت الآخرة دنيا لا آخرة.
فإن قلت: لو كان البدن الأخروي مثلاً للبدن الدنيوي ومثل الشيء غيره كان الإنسان المعاد في الآخرة غير الإنسان المبتدأ في الدنيا لأنه مثله لا عينه.
قلت: قد تقدم في المباحث السابقة غير مرة أن شخصية الإنسان بروحه لا ببدنه، والروح لا تنعدم بالموت وإنما يفسد البدن وتتلاشى أجزاؤه ثم إذا سوّي ثانياً مثل ما كان في الدنيا ثم تعلقت به الروح كان الإنسان عين الإنسان الذي في الدنيا كما كان زيد الشائب مثلاً عين زيد الشاب لبقاء الروح على شخصيتها مع تغير البدن لحظة بعد لحظة.
قوله تعالى: { أفرأيتم ما تحرثون } إلى قوله { محرومون } بعدما ذكَّرهم بكيفية خلق أنفسهم وتقدير الموت بينهم تمهيداً للبعث والجزاء وكل ذلك من لوازم ربوبيته عدَّ لهم أموراً ثلاثة من أهم ما يعيشون به في الدنيا وهي الزرع الذي يقتاتون به والماء الذي يشربونه والنار التي يصطلون بها ويتوسلون بها إلى جمل من مأربهم، وتثبت بذلك ربوبيته لهم فليست الربوبية إلا التدبير عن ملك.
فقال: { أفرأيتم ما تحرثون } الحرث العمل في الأرض وإلقاء البذر عليها { ءأنتم تزرعونه } أي تنبتونه وتنمونه حتى يبلغ الغاية، وضمير { تزرعونه } للبذر أو الحرث المعلوم من المقام { أم نحن الزارعون } المنبتون المنمون حتى يكمل زرعاً { لو نشاء لجعلناه حطاماً } أي هشيماً متكسراً متفتتاً { فظلتم } أي فظللتم وصرتم { تفكَّهون } أي تتعجبون مما أُصيب به زرعكم وتتحدثون بما جرى قائلين { إنا لمغرمون } موقعون في الغرامة والخسارة ذهب مالنا وضاع وقتنا وخاب سعينا { بل نحن محرومون } ممنوعون من الرزق والخير.
ولا منافاة بين نفي الزرع عنهم ونسبته إليه تعالى وبين توسُّط عوامل وأسباب طبيعية في نبات الزرع ونموِّه فإن الكلام عائد في تأثير هذه الأسباب وصنعها، وليس نحو تأثيرها باقتضاء من ذاتها منقطعة عنه تعالى بل بجعله ووضعه وموهبته، وكذا الكلام في أسباب هذه الأسباب، وينتهي الأمر إلى الله سبحانه وأن إلى ربك المنتهى.
قوله تعالى: { أفرأيتم الماء الذي تشربون } إلى قوله { فلولا تشكرون } المزن السحاب، وقوله: { فلولا تشكرون } تحضيض على الشكر، وشكره تعالى جميل ذكره تعالى على نعمه وهو إظهار عبوديته قولاً وعملاً. والباقي ظاهر.
قوله تعالى: { أفرأيتم النار التي تورون } إلى قوله { ومتاعاً للمقوين } قال في المجمع: الإيراء إظهار النار بالقدح، يقال: أورى يوري، قال: ويقال: قدح فأورى إذا أظهر فإذا لم يور يقال: قدح فأكبى، وقال: والمقوي النازل بالقواء من الأرض ليس بها أحد، وأقوت الدار خلت من أهلها. أنتهى. والمعنى ظاهر.
قوله تعالى: { فسبح باسم ربك العظيم } خطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم. لما ذكر سبحانه شواهد ربوبيته لهم وأنه الذي يخلقهم ويدبر أمرهم ومن تدبيره أنه سيبعثهم ويجزيهم بأعمالهم وهم مكذبون بذلك أعرض عن خطابهم والتفت إلى خطاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إشعاراً بأنهم لا يفقهون القول فأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن ينزهه تعالى عن إشراكهم به وإنكارهم البعث والجزاء.
فقوله: { فسبح باسم } الخ، الفاء لتفريع التسبيح على ما تقدم من البيان، والباء للاستعانة أو الملابسة، والمعنى: فإذا كان كذلك فسبح مستعيناً بذكر اسم ربك، أو المراد بالاسم الذكر لأن إطلاق اسم الشيء ذكر له كما قيل أو الباء للتعدية لأن تنزيه اسم الشيء تنزيه له، والمعنى: نزّه اسم ربك من أن تذكر له شريكاً أو تنفي عنه البعث والجزاء، والعظيم صفة الرب أو الاسم.
قوله تعالى: { فلا أقسم بمواقع النجوم } { لا اقسم } قسم وقيل: لا زائدة واقسم هو القسم، وقيل: لا نافية واقسم هو القسم.
و { مواقع } جمع موقع وهو المحل، والمعنى: اقسم بمحالّ النجوم من السماء، وقيل: مواقع جمع موقع مصدر ميمي بمعنى السقوط يشير به إلى سقوط الكواكب يوم القيامة أو وقوع الشهب على الشياطين، أو مساقط الكواكب في مغاربها، وأول الوجوه هو السابق إلى الذهن.
قوله تعالى: { وإنه لقسم لو تعلمون عظيم } تعظيم لهذا القسم وتأكيد على تأكيد.
قوله تعالى: { إنه لقرآن كريم } إلى قوله { من رب العالمين } لما كان إنكارهم حديث وحدانيته تعالى في ربوبيته وأُلوهيته وكذا إنكارهم للبعث والجزاء إنما أبدوه بإنكار القرآن النازل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي فيه نبأ التوحيد والبعث كان إنكارهم منشعباً إلى إنكار أصل التوحيد والبعث أصلاً، وإلى إنكار ذلك بما أن القرآن ينبّئهم به، فأورد تعالى أولاً بياناً لإثبات أصل الوحدانية والبعث بذكر شواهد من آياته تثبت ذلك وهو قوله: { نحن خلقناكم } إلى قوله { ومتاعاً للمقوين }، وثانياً بياناً يؤكد فيه كون القرآن الكريم كلامه المحفوظ عنده النازل منه ووصفه بأحسن أوصافه.
فقوله: { إنه لقرآن كريم } جواب للقسم السابق، الضمير للقرآن المعلوم من السياق السابق ويستفاد من توصيفه بالكريم من غير تقييد في مقام المدح أنه كريم على الله عزيز عنده وكريم محمود الصفات وكريم بذّال نفّاع للناس لما فيه من أصول المعارف التي فيها سعادة الدنيا والآخرة.
وقوله: { في كتاب مكنون } وصف ثان للقرآن أي محفوظ مصون عن التغيير والتبديل، وهو اللوح المحفوظ كما قال تعالى:
{ { بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ } [البروج: 21-22]. وقوله: { لا يمسّه إلا المطهرون } صفة الكتاب المكنون ويمكن أن يكون وصفاً ثالثاً للقرآن ومآل الوجهين على تقدير كون لا نافية واحد.
والمعنى: لا يمسّ الكتاب المكنون الذي فيه القرآن إلا المطهرون أو لا يمس القرآن الذي في الكتاب إلا المطهرون.
والكلام على أي حال مسوق لتعظيم أمر القرآن وتجليله فمسّه هو العلم به وهو في الكتاب المكنون كما يشير إليه قوله:
{ { إنا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون وإنه في أُم الكتاب لدينا لعليٌ حكيم } [الزخرف: 3-4]. والمطهرون - اسم مفعول من التطهير - هم الذين طهَّر الله تعالى نفوسهم من أرجاس المعاصي وقذارات الذنوب أو مما هو أعظم من ذلك وأدق وهو تطهير قلوبهم من التعلق بغيره تعالى، وهذا المعنى من التطهير هو المناسب للمسّ الذي هو العلم دون الطهارة من الخبث أو الحدث كما هو ظاهر.
فالمطهرون هم الذين أكرمهم الله تعالى بتطهير نفوسهم كالملائكة الكرام والذين طهّرهم الله من البشر، قال تعالى:
{ { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً } [الأحزاب: 33]، ولا وجه لتخصيص المطهرين بالملائكة كما عن جُلّ المفسرين لكونه تقييداً من غير مقيّد.
وربما جعل { لا } في { لا يمسه } ناهية، والمراد بالمس على هذا مس كتابة القرآن، وبالطهارة الطهارة من الحدث أو الحدث والخبث جميعاً - وقرئ { المطهرون } بتشديد الطاء والهاء وكسر الهاء أي المتطهّرون - ومدلول الآية تحريم مسَّ كتابة القرآن على غير طهارة.
ويمكن حمل الآية على هذا المعنى على تقدير كون { لا } نافية بأن تكون الجملة إخباراً أُريد به الإنشاء وهو أبلغ من الإنشاء.
قال في الكشاف: وإن جعلتها يعني جملة { لا يمسّه إلا المطهرون } صفة القرآن فالمعنى: لا ينبغي أن يمسه إلا من هو على الطهارة من الناس يعني مسّ المكتوب منه، انتهى وقد عرفت صحة أن يراد بالمس العلم والاطلاع على تقدير كونها صفة للقرآن كما يصح على تقدير كونها صفة لكتاب مكنون.
وقوله: { تنزيل من رب العالمين } وصف آخر للقرآن، والمصدر بمعنى اسم المفعول أي منزل من عند الله اليكم تفتهمونه وتعقلونه بعد ما كان في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون.
والتعبير عنه تعالى برب العالمين للإشارة إلى أن ربوبيته تعالى منبسطة على جميع العالمين وهم من جملتهم فهو تعالى ربهم وإذا كان ربهم كان عليهم أن يؤمنوا بكتابه ويصغوا لكلامه ويصدقوه من غير تكذيب.
قوله تعالى: { أفبهذا الحديث أنتم مدهنون } الإشارة بهذا الحديث إلى القرآن، والإدهان به التهاون به وأصله التليين بالدهن استعير للتهاون، والاستفهام للتوبيخ يوبخهم تعالى على عدّهم أمر القرآن هيناً لا يعتنى به.
قوله تعالى: { وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون } قيل: المراد بالرزق حظهم من الخير، والمعنى: وتجعلون حظكم من الخير الذي لكم أن تنالوه بالقرآن أنكم تكذبون به أي تضعونه موضعه، وقيل: المراد بالرزق القرآن رزقهم الله إياه، والمعنى: تأخذون التكذيب مكان هذا الرزق الذي رزقتموه، وقيل: الكلام بحذف مضاف والتقدير: وتجعلون شكر رزقكم أنكم تكذبون أي وضعتم التكذيب موضع الشكر.
قوله تعالى: { فلولا إذا بلغت الحلقوم } إلى قوله { صادقين } رجوع إلى أول الكلام بالتفريع على تكذيبهم بأنكم إن كنتم صادقين في نفيكم للبعث مصيبين في تكذيبهم لهذا القرآن الذي ينبؤكم بالبعث رددتم نفس المحتضر التي بلغت الحلقوم إذ لو لم يكن الموت بتقدير من كتاب الله كان من الأمور الاتفاقية التي ربما أمكن الاحتيال لدفعها، فإذا لم تقدروا على رجوعها وإعادة الحياة معها فاعلموا أن الموت حق مقدَّر من الله لسوق النفوس إلى البعث والجزاء.
فقوله: { فلولا إذا بلغت الحلقوم } تفريع على تكذيبهم بالقرآن وبما أخبر به من البعث والجزاء، ولولا للتحضيض تعجيزاً وتبكيتاً لهم، وضمير { بلغت } للنفس، وبلوغ النفس الحلقوم كناية عن الإشراف التام للموت.
وقوله: { وأنتم حينئذ تنظرون } أي تنظرون إلى المحتضر أي هو بمنظر منكم.
وقوله: { ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون } أي والحال أنا أقرب إليه منكم لإحاطتنا به وجوداً ورسلنا القابضون لروحه أقرب إليه منكم ولكن لا تبصروننا ولا رسلنا.
قال تعالى:
{ { الله يتوفّى الأنفس حين موتها } [الزمر: 42]، وقال: { { قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم } [السجدة: 11]، وقال: { { حتى إذا جاء أَحدكم الموت توفته رسلنا } [الأنعام: 61]. وقوله: { فلولا إن كنتم غير مدينين } تكرار { لولا } لتأكيد { لولا } السابقة، و { مدينين } أي مجزيين من دان يدين بمعنى جزى يجزي، والمعنى: إن كنتم غير مجزيّين ثواباً وعقاباً بالبعث.
وقوله: { ترجعونها إن كنتم صادقين } أي إن كنتم صادقين في دعواكم أن لا بعث ولا جزاء، وقوله: { ترجعونها } مدخول لولا التحضيضية بحسب التقدير وترتيب الآيات بحسب التقدير فلولا ترجعونها إذا بلغت الحلقوم إن كنتم مدينين.
قوله تعالى: { فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم } رجوع إلى بيان حال الأزواج الثلاثة المذكورة في أول السورة عند الموت وبعده وضمير { كان } للمتوفى المعلوم من السياق، والمراد بالمقرّبين السابقون المقربون المذكورون سابقاً، والروح الراحة، والريحان الرزق، وقيل: هو الريحان المشموم من ريحان الجنة يؤتى به إليه فيشمه ويتوفى.
والمعنى: فأما إن كان المتوفى من المقربين فله - أو فجزاؤه - راحة من كل همّ وغمّ وألم ورزق من رزق الجنة وجنة نعيم.
قوله تعالى: { وأما إن كان من أصحاب اليمين فسلام لك من أصحاب اليمين } يمكن أن يكون اللام للاختصاص الملكي ومعنى { سلام لك } أنك تختص بالسلام من أصحاب اليمين الذين هم قرناؤك ورفقاؤك فلا ترى منهم إلا خيراً وسلاماً.
وقيل: لك بمعنى عليك أي يسلم عليك أصحاب اليمين، وقيل غير ذلك.
والالتفات من الغيبة إلى الخطاب للدلالة على أنه يخاطب بهذا الخطاب: سلام لك من أصحاب اليمين.
قوله تعالى: { وأما إن كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم وتصلية جحيم } تصلية النار الإدخال فيها، وقيل: مقاساة حرّها وعذابها.
والمعنى: وأما إن كان من أهل التكذيب والضلال فلهم نزل من ماء شديد الحرارة، ومقاساة حر نار جحيم.
وقد وصفهم الله بالمكذبين الضالين فقدم التكذيب على الضلال لأن ما يلقونه من العذاب تبعة تكذيبهم وعنادهم للحق ولو كان ضلالاً بلا تكذيب وعناد كانوا مستضعفين غير نازلين هذه المنزلة، وأما قوله سابقاً: { ثم إنكم أيها الضالون المكذبون } فإذا كان المقام هناك مقام الردّ لقولهم: { ءإذا متنا وكنا تراباً وعظاماً ءإنا لمبعوثون } الخ، كان الأنسب توصيفهم أولاً بالضلال ثم بالتكذيب.
قوله تعالى: { إن هذا لهو حق اليقين } الحق هو العلم من حيث إن الخارج الواقع يطابقه، واليقين هو العلم الذي لا لبس فيه ولا ريب فإضافة الحق إلى اليقين نحو من الإضافة البيانية جيء بها للتأكيد.
والمعنى: أن هذا الذي ذكرناه من حال أزواج الناس الثلاثة هو الحق الذي لا تردّد فيه والعلم الذي لا شك يعتريه.
قوله تعالى: { فسبح باسم ربك العظيم } تقدم تفسيره، وهو تفريع على ما تقدمه من صفة القرآن وبيان حال الأزواج الثلاثة بعد الموت وفي الحشر.
والمعنى: فإذا كان القرآن على هذه الصفات وصادقاً فيما ينّبئ به من حال الناس بعد الموت فنزّه ربك العظيم مستعيناً أو ملابساً باسمه وانف ما يراه ويدَّعيه هؤلاء المكذبون الضالون.
(بحث روائي)
في المجمع في قوله تعالى: { ءأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون } وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
"لا يقولنَّ أحدكم: زرعت، وليقل: حرثت."
]. أقول: ورواه في الدر المنثور عن عدَّة من أصحاب الجوامع عن أبي هريرة عنه صلى الله عليه وآله وسلم.
وفي تفسير القمي: { ءأنتم أنزلتموه من المزن } قال: من السحاب { نحن جعلناها تذكرة } لنار يوم القيامة { ومتاعاً للمقوين } قال: المحتاجين.
وفي المجمع في قوله تعالى: { فسبح باسم ربك العظيم }: فقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه لما نزلت هذه الآية قال: اجعلوها في ركوعكم.
أقول: ورواه في الفقيه مرسلاً، ورواه في الدر المنثور عن الجهني عنه صلى الله عليه وآله وسلم.
وفي الدر المنثور أخرج النسائي وابن جرير ومحمد بن نصر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال: أُنزل القرآن في ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا جملة واحدة ثم فرّق في السنين وفي لفظ ثم نزّل من السماء الدنيا إلى الأرض نجوماً ثم قرأ { فلا أقسم بمواقع النجوم }.
أقول: وظاهره تفسير مواقع النجوم بأوقات نزول نجوم القرآن.
وفي تفسير القمي وقوله: { فلا أقسم بمواقع النجوم } قال: معناه اقسم بمواقع النجوم.
وفي الدر المنثور أخرج ابن مردويه بسند رواه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم { إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون } قال: عند الله في صُحف مطهرة { لا يمسه إلا المطهرون } قال: المقرّبون.
أقول: وتفسير المطهرين بالمقربين يؤيد ما أوردناه في البيان المتقدم، وقد أوردنا في ذيل قوله:
{ { هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق } [الجاثية: 29] الآية، حديثاً عن الصادق عليه السلام في الكتاب المكنون.
وفي المجمع في قوله تعالى: { لا يمسه إلا المطهرون } وقالوا: لا يجوز للجنب والحائض والمحدث مس المصحف عن محمد بن علي عليه السلام.
أقول: المراد بمس المصحف مس كتابته بدليل الروايات الأخر.
وفي الكافي بإسناده عن داود بن فرقد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن التعويذ يعلق على الحائض قال: نعم لا بأس. وقال: تقرؤه وتكتبه ولا تصيبه يدها.
وفي الدر المنثور أخرج عبد الرزاق وابن أبي داود وابن المنذر عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه قال: في كتاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعمرو بن حزم: ولا تمس القرآن إلا عن طهور.
أقول: والروايات فيه كثيرة من طرق الشيعة وأهل السنة.
وفيه أخرج مسلم وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس قال: مطر الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر قالوا: هذه رحمة وضعها الله وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا فنزلت هذه الآية { فلا أُقسم بمواقع النجوم } حتى بلغ { وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون }.
أقول: وقد استفاضت الرواية من طرق أهل السنة أن الآيات نزلت في الأنواء وظاهرها أنها مدنية لكنها لا تلائم سياق آيات السورة كما عرفت.
وفي المجمع وقراءة علي عليه السلام وابن عباس ورويت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: وتجعلون شكركم.
أقول: ورواه في الدر المنثور عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلي عليه السلام.
وفي تفسير القمي في قوله: { غير مدينين } قال: معناه فلو كنتم غير مجازين على أعمالكم { ترجعونها } يعني به الروح إذا بلغت الحلقوم تردّونها في البدن { إن كنتم صادقين }.
وفيه بإسناده عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: { فأما إن كان من المقربين فروح وريحان } في قبره { وجنة نعيم } في الآخرة.
وفي الدر المنثور أخرج القاسم بن مندة في كتاب الأحوال والإيمان بالسؤال عن سلمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
"إن أول ما يبشر به المؤمن عند الوفاة بروح وريحان وجنة نعيم وإن أول ما يبشر به المؤمن في قبره أن يقال: أبشر برضا الله تعالى والجنة قدمت خير مقدم قد غفر الله لمن شيعك إلى قبرك، وصدق من شهد لك، واستجاب لمن استغفر لك"
]. وفيه أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله { فسلام لك من أصحاب اليمين } قال: تأتيه الملائكة بالسلام من قبل الله تسلم عليه وتخبره أنه من أصحاب اليمين.
أقول: وما أورده من المعنى مبني على كون الآية حكاية خطاب الملائكة، والتقدير قالت الملائكة سلام لك حال كونك من أصحاب اليمين فهي سلام وبشارة.