التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ ٱلْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ
١٤٣
وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ أَفإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ٱنْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ ٱللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي ٱللَّهُ ٱلشَّاكِرِينَ
١٤٤
-آل عمران

تفسير فرات الكوفي

{ وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنّونَ المَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأيْتُموهُ وَأنتم تَنْظُرون* وَما محمد إلاّ رَسولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُسُلُ أفإن ماتَ أَوْ قُتِلَ انُقَلَبْتُمْ عَلَى أعقابكم143-144 }
فرات قال: حدثني أبو القاسم بن جمال السمسار معنعناً: عن حذيفة [بن. ب] اليماني [رضي الله عنه. ر]
"إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر بالجهاد يوم أحد فخرج الناس سراعاً يتمنون لقاء العدو عدوهم! وبغوا في منطقهم وقالوا: والله لئن لقينا عدونا لا نولي حتى نقتل عن أخرنا رجل [رجل. ب] أو يفتح الله لنا. قال: فلما أتوا القوم ابتلاهم الله بالذي كان منهم ومن بغيهم فلم يلبثوا إلا يسيراً حتى انهزموا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا علي بن أبي طالب عليه السلام وأبو دجانة سماك بن خرشة الأنصاري فلمّا رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما قد نزل بالناس من الهزيمة والبلاء رفع البيضة عن رأسه وجعل ينادي: أيّها الناس أنا لم أمت ولم أقتل. وجعل الناس يركب بعضهم بعضاً لا يلوون [ر: يألون] على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا [أ، ر: فلا] يلتفتون إليه، فلم يزالوا كذلك حتى دخلوا المدينة فلم يكتفوا بالهزيمة حتى قال أفضلهم رجلٌ في أنفسهم: قتل رسول الله [صلى الله عليه وآله وسلم. ر، ب]. فلما أيس رسول الله [صلى الله عليه وآله وسلم. ب] [ر: الرسول] من القوم رجع إلى موضعه الذي كان فيه فلم يزل [إلا. ر، أ] علي بن أبي طالب [عليه السلام. ر] وأبو دجانة الأنصاري [رضي الله عنه. ر] فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا أبا دجانة ذهب الناس فالحق بقومك. فقال أبو دجانة: يا رسول الله ما على هذا بايعناك وبايعنا الله ولا على هذا خرجنا يقول [ر، أ: بقول] الله [تعالى. ب، ر] { إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم } [الفتح:10] فقال [رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ر]: يا أبا دجانة أنت في حلّ من بيعتك فارجع. فقال أبو دجانة: يا رسول الله لا تحدث نساء الأنصار في الخدور أني أسلمتك ورغبت نفسي عن نفسك يا رسول الله، لا خير في العيش بعدك.
قال: فلما سمع رسول الله [صلى الله عليه وآله وسلم. ر] كلامه ورغبته في الجهاد إنتهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى صخرة فاستتر بها ليتقي بها من السهام سهام المشركين، فلم يلبث أبو دجانة إلا يسيراً حتى أثخن جراحه فتحامل حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فجلس إلى جنبه مثخناً لا حراك به.
قال: وعلي لا يبارز فارساً ولا راجلاً إلا قتله الله على يديه حتى انقطع سيفه، فلما انقطع سيفه جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله انقطع سيفي ولا سيف لي. فخلع رسول الله صلى الله عليه وآل وسلم سيفه ذو [أ: ذا] الفقار فقلد [ه. ب] علياً ومشى إلى جمع المشركين فكان لا يبرز [ر: يبرى] له [أ: إليه] أحدٌ إلا قتله، فلم يزل على ذلك حتى وهت دراعته [ب: ذراعيه. ر: وهيت دراعة] ففرق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذلك فيه، فنظر رسول الله [ص. ب] إلى السماء وقال: اللهم إن محمداً عبدك ورسولك جعلت لكل نبي وزيراً من أهله لتشد به عضده وتشركه في أمره، وجعلت لي وزيراً من أهلي، علي بن أبي طالب أخي، فنعم الأخ ونعم الوزير، اللهم وعدتني أن تمدني بأربعة آلاف من الملائكة مردفين، اللهم وعدك وعدك إنك لا تخلف الميعاد، وعدتني أن تظهر دينك على الدين كله ولو كره المشركون.
قال: فبينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدعو ربّه ويتضرع إليه إذ سمع دوياً من الناس فرفع رأسه فإذا جبرئيل عليه السلام على كرسي من ذهب ومعه أربعة آلاف من الملائكة مردفين هو يقول: لا فتى إلا علي ولا سيف إلا ذو الفقار، فهبط جبرئيل [عليه السلام. ر] على الصخرة وحفت الملائكة برسول الله فسلموا عليه فقال جبرئيل [عليه السلام. ر]: يا رسول الله والذي أكرمك بالهدى لقد عجبت الملائكة المقربون لمواساة هذا الرجل لك بنفسه. فقال: يا جبرئيل ما يمنعه [أ: وما يصنعه. ر: فما يصنعه] يواسيني بنفسه وهو مني وأنا منه. فقال جبرئيل: وأنا منكما - حتى قالها ثلاثاً-"
. ثم حمل علي [بن أبي طالب عليه السلام. ر] وحمل جبرئيل [عليه السلام. ر] والملائكة ثم إن الله تعالى هزم جمع المشركين وتشتت أمرهم فمضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي [بن أبي طالب عليه السلام. ر] بين يديه ومعه اللواء قد خضبه بالدم وأبو دجانة [رضي الله عنه. ر] خلفه فلما أشرف على المدينة فإذا نساء الأنصار يبكين [على. ب، أ] [رسول الله [صلى الله عليه وآله وسلم. ب، أ] فلما نظروا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: استقبله أهل المدينة بأجمعهم ومال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المسجد ونظر إليه [إلى. ر] الناس فتضرعوا إلى الله وإلى رسوله وأقروا بالذنب وطلبوا التوبة فأنزل الله فيهم قرآناً يعيبهم بالبغي الذي كان منهم وذلك قوله [تعالى. ر]: { ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون } يقول: قد عاينتم الموت والعدو فَلِمَ نقضتم العهد وجزعتم من الموت وقد عاهدتم الله أن لا تنهزموا حتى قال بعضكم قتل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) [ب: وعلي وأبو دجانة]، فأنزل الله تعالى { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل } إلى آخر الآية. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أيها الناس إنكم رغبتم بأنفسكم عني، ووازرني علي وواساني، فمن أطاعه فقد أطاعني، ومن عصاه فقد عصاني وفارقني في الدنيا والآخرة" . قال: وقال حذيفة: ليس ينبغي لأحدٍ يعقل يشك فيمن لم يشرك بالله أنه أفضل ممن أشرك به، ومن لم ينهزم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أفضل ممن انهزم، وأن السابق إلى الإيمان بالله ورسوله أفضل، وهو علي بن أبي طالب عليه السلام.
فرات قال: حدثني الحسين بن سعيد معنعناً عن حذيفة اليماني [أ، ب: اليمان] [رضي الله عنه. ر] عن النبي [ب، أ: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم] مثله.
فرات قال: حدثني الحسين بن محمد بن مصعب معنعناً:
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: كان علي [بن أبي طالب عليه السلام. ر] يقول في حياة النبي صلى الله علي وآله وسلم إن الله تعالى يقول في كتابه: { أفان مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم } والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله، والله لئن مات أو قتل لأقاتلن على ما قاتل عليه، ومن أولى به مني وأنا أخوه ووارثه وابن عمه [عليه السلام. أ، ر] [وكرّم الله وجهه الأكرم. ر].