التفاسير

< >
عرض

فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا ٱلْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يٰمَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللًّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ
٣٧
-آل عمران

تفسير فرات الكوفي

{ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيّا المِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ: يا مَرْيَمُ أنّىَ لكِ هذا؟ قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إنَّ اللهَ يَرْزُق مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حسابٍ37 }
فرات قال: حدثني عبيد بن كثير معنعناً: عن أبي سعيد الخدري [رضي الله عنه. ر] قال:
"أصبح علي بن أبي طالب [عليه السلام. ر] ذات يومٍ [فـ] قال: يا فاطمة عندك شيء تغذينيه؟ قالت: لا والذي أكرم أبي بالنبوة وأكرمك بالوصية ما أصبح الغداة عندي شيءٌ أغذيكاه (ظ) [أ، ب: اغتذيناه] وما كان شيءٌ أطعمناه مذ يومين إلاّ شيءٌ كنت أوثرك به على نفسي وعلى ابنيّ هذين الحسن والحسين فقال علي [عليه السلام.ب]: يا فاطمة ألا كنت أعلمتيني فأبغيكم [ب: فأبتاعكم] شيئاً. فقالت يا أبا الحسن إني لاستحيي من إلهي أن تكلف نفسك مالا تقدر عليه. فخرج علي [بن أبي طالب. ر] [عليه السلام. ب] [من. أ، ب] عند فاطمة [عليها السلام. ر، ب] واثقاً بالله بحسن [ب: حسن] الظن [بالله. أ، ب] فاستقرض ديناراً، فبينا الدينار في يد علي [بن أبي طالب. ر] [عليه السلام. ر، ب] يريد أن يبتاع لعياله ما يصلحهم فتعرض [أ: إذ تعرض] له المقداد بن الأسود [الكندي. ب] في يوم شديد الحر؛ قد لوّحته الشمس من فوقه وأذته من تحته، فلما رآه علي [بن أبي طالب. ر] [عليه السلام. ر، أ] [وكرمه. ر] أنكر شأنه فقال: يا مقداد ما أزعجك هذه الساعة من رحلك؟ قال: يا أبا الحسن خلّ سبيلي ولا تسألني عما ورائي فقال: يا أخي إنه [ب: إنى] لا يسعني أن تجاوزني حتى أعلم علمك. فقال: يا أبا الحسن رغبة إلى الله وإليك أن تخلي سبيلي ولا تكشفني عن حالي فقال له: يا أخي إنه لا يسعك أن تكتمني [أ: تكفني] حالك. فقال: يا أبا الحسن أما إذا ثبت [ب: أبيت] فوالذي أكرم محمداً [صلى الله عليه وآله وسلم. أ، ر] بالنبوة وأكرمك بالوصية ما أزعجني من رحلي إلا الجهد وقد تركت عيالي يتضاغون [ب: يتصارخون] جوعاً، فلما سمعت بكاء العيال لم تحملني الأرض فخرجت مهموماً راكباً رأسي، هذه حالي وقصّتي. فانهملت عينا علي [عليه السلام، ب] بالبكاء [حتى. ب] بلت دمعته لحيته فقال [له. أ، ر]: أحلف بالذي خلقك ما أزعجني إلا الذي أزعجك من رحلك وقد [ب، ر: فقد] استقرضت ديناراً فهاكه فقد آثرتك على نفسي. فدفع الدينار إليه.
ورجع حتى دخل مسجد النبي [أ، ب: رسول الله] صلى الله عليه وآله وسلم فصلى فيه الظهر والعصر والمغرب، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المغرب مرّ بعلي بن أبي طالب عليه السلام وهو في الصف الأول وهمزه [أ، ر: حمزة] برجله فقام علي [عليه السلام. ب] مقتفياً خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى لحقه على باب من أبواب المسجد فسلم عليه فرد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا أبا الحسن هل عندك شيء تعشيناه فنميل معك؟ فمكث مطرقاً لا يحير جواباً حياءً من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يعلم ما كان من أمر الدينار ومن أين أخذه وأين وجهه، وقد كان أوحى الله تعالى إلى نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم أن يتعشى الليلة عند علي بن أبي طالب عليه السلام، فلما نظر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى سكوته فقال: يا أبا الحسن مالك لا تقول لا فأنصرف [عنك. ب] أو تقول نعم فأمضي معك. قال: حياءً وتكرماً [ب: حباً وكرامة] فاذهب بنا.
فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيد [ر: يد] علي بن أبي طالب عليه السلام فانطلقا حتى دخلا على فاطمة الزهراء عليها السلام وهي في مصلاها قد قضت صلاتها وخلفها جفنة تفور دخاناً فلما سمعت كلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في رحلها خرجت من مصلاها فسلمت عليه، وكانت أعز الناس عليه، فردّ [عليها. ب] السلام ومسح بيده على رأسها وقال لها: يا بنتاه كيف أمسيت رحمك الله [تعالى. ر] عشينا غفر الله لك وقد فعل. فأخذت الجفنة فوضعتها بين يدي رسول الله [ر: النبي] [صلى الله عليه وآله وسلم. أ، ب] وعلي بن أبي طالب [عليهما الصلاة والسلام. ب: عليه السلام] فلما نظر علي بن أبي طالب عليه السلام إلى [الجفنة و.ب] الطعام وشم ريحه رمى فاطمة رمياً شحيحاً، قالت له فاطمة: سبحان الله ما أشح نظرك وأشدّه هل أذنبت فيما بيني وبينك ذنب استوجب به السخطة؟ قال: وأي ذنبٍ أعظم من ذنبٍ أصبتيه! أليس عهدي إليك اليوم الماضي [ب: الحاضر] وأنت تحلفين بالله مجتهدة ما طعمت طعاماً مُذ يومين؟! قال: فنظرت إلى السماء فقالت: إلهي يعلم في سمائه ويعلم في أرضه أنى لم أقل إلاّ حقاً. فقال لها: يا فاطمة أنّى لك هذا الطعام الذي لم أنظر إلى مثل لونه قط [ولم أشم مثل ريحه قط. ر، ب] وما [ب، أ: لم] أكل أطيب منه قط!!.
قال: فوضع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كفه الطيبة المباركة بين كتفي علي بن أبي طالب عليه السلام فغمزها ثم قال: يا علي هذا بَدلٌ بدينارك هذا جزاءٌ بدينارك { من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب }.
ثم استعبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم باكياً ثم قال: الحمد لله الذي هو أبى لكم أن تخرجا من الدنيا حتى يجزيكما هذا [أ: هنا. ر: هوابا] يا علي في المنازل الذي جزى فيها زكريا ويجزيك يا فاطمة في الذي أجزيت فيه مريم بنت عمران: { كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً }"
.