التفاسير

< >
عرض

وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَىٰ ٱلأُخْرَىٰ فَقَاتِلُواْ ٱلَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيۤءَ إِلَىٰ أَمْرِ ٱللَّهِ فَإِن فَآءَتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بِٱلْعَدْلِ وَأَقْسِطُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ
٩
-الحجرات

تفسير فرات الكوفي

{ وَإنْ طائفَتانِ مِنَ المؤمِنينَ اقْتَتَلوا فَأصْلِحوا بَيْنَهُما فَإنْ بَغَت إحْداهُما عَلى الأخرى فَقاتِلوا التي تَبْغِي حَتّى تفيءَ إلى أمْرِ اللّهِ 9 }
قال: حدثني الحسين بن الحكم قال: حدثنا جندل قال: حدثنا هشيم بن بشير عن جويبر:
عن الضحاك في قول الله: { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله } قال: بالسيف. قال جويبر: فقلت: ما حال قتلى هؤلاء؟ [قال. ب]: في الجنة يرزقون. قال: فما بال [ب: حال] قتلى أهل البغي؟ قال: في النار [يسجرون. خ].
قال: حدثني إبراهيم بن بنان الخثعمي قال: حدثنا جعفر بن أحمد بن يحيى بن منمس! قال: حدثنا علي بن أحمد بن القاسم الباهلي:
عن ضرار بن الأزور أن رجلاً من الخوارج سأل ابن عباس رضي الله عنه عن [أمير المؤمنين. ر] علي بن أبي طالب عليه السلام فأعرض عنه ثم سأله فقال:
لكان والله عليه أمير المؤمنين يشبه القمر الزاهر والأسد الخادر والفرات الزاخر والربيع الباكر، فأشبه من القمر ضوؤه وبهاؤه، ومن الأسد شجاعته ومضاؤه، ومن الفرات جوده وسخاؤه، ومن الربيع خصبه وحباؤه، عقم النساء أن يأتين بمثل علي [أمير المؤمنين. أ، ب] بعد النبي [ب، أ: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم]، تالله ماسمعت ولا رأيت إنساناً [محارباً. ر، ب] مثله، وقد رأيته يوم صفين وعليه عمامة بيضاء وكأنّ عينيه سراجان وهو يتوقف على شرذمة [شرذمة. ب، ر] يحضّهم ويحثهم إلى أن انتهى إلي و أنا في كنف من المسلمين فقال:
معاشر المسلمين استشعروا الخشية، وعنوا الأصوات، وتجلببوا بالسكينة، واكملوا اللامة، وأقلقوا السيوف في الغمد قبل السلة، والحظوا الشزر، واطعنوا [الخزر. ب]، ونافحوا بالظبا وصلوا السيوف بالخطا والرماح بالنبال، فإنكم بعين الله [و. أ، ب] مع ابن عم نبيكم، عاودوا الكر واستحيوا من الفر، فإنه عار باقٍ في الأعقاب، ونار يوم الحساب، فطيبوا عن أنفسكم نفساً [ر: أنفساً]، واطووا عن الحياة كشحاً، وامشوا إلى الموت مشياً [سجحاً].
وعليكم بهذا السواد الأعظم والرواق المطنب فاضربوا ثبجه، فإن الشيطان عليه لعنة الله راكدٌ في كسره، نافجٌ حضنيه [ب، أ: حضنه] ومفترش ذراعيه، قد قدم للوثبة يداً، وأخر للنكوص رجلاً، فصمداً [أ: فصبراً] حتى يتجلى لكم عمود [خ ل: عمد] الحق وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم.
قال: وأقبل معاوية في الكتيبة الشهباء وهي زهاء عشرة آلاف بجيش [أ، ب: جيش] شاكين في الحديد لا يرى منهم إلا الحدق تحت المغافر [فاقشعر لها الناس] [فقال عليه السلام: ما لكم. ب] تنظرون بما [أ: مما] تعجبون؟! إنما هي جثث ماثلة فيها قلوب طائرة مزخرفة بتمويه [ظ] الخاسرين ورجل جراد زفت به ريح صبا ولفيف سداه الشيطان ولحمته الضلالة وصرخ بهم ناعق البدعة، وفيهم خور الباطل وضحضحة المكاثر فلو قد مستها سيوف أهل الحق لتهافتت تهافة الفراش في النار ألا فسووا بين الركب وعضوا على النواجذ واضربوا القوانص [ب: القوابض] بالصوارم واشرعوا الرماح في الجوانح وشدوا فإني شاد. حم لا ينصرون. فحلوا حملة ذي يد (لبد) فأزالوهم [عن أماكنهم (مصافهم)، ودفعوهم. ب، ر] عن أماكنهم ورفعوهم عن مراكزهم [ر: مراكبهم]، وارتفع الرهج وخمدت الأصوات فلا يسمع [أ: تسمع] إلا صلصلة الحديد وغمغمة الأبطال ولا يرى إلا رأس نادر أو يد طائحة، وإنا كذلك إذ أقبل أمير المؤمنين عليه السلام من موضع يريد يتحال [ب: يتحاك] الغبار وينقص [ب: ينفذ] العلق عن ذراعيه سيفه يقطر الدماء وقد انحنى كقوس نازع! وهو يتلو هذه الآية: { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله }.
قال: فما رأيت قتالاً أشد من ذلك اليوم.
يا بني إني أرى الموت لا يقلع ومن مضى لا يرجع ومن بقى فإليه ينزع إني أوصيك بوصية فاحفظها [ر، أ: فاحفظني] واتق الله وليكن أولى الأمور بك الشكر لله في السر والعلانية فإن الشكر خير زاد.