التفاسير

< >
عرض

إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ ٱللَّهِ حَقّاً إِنَّهُ يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ بِٱلْقِسْطِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ
٤
هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلشَّمْسَ ضِيَآءً وَٱلْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلْحِسَابَ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ ذٰلِكَ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ يُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ
٥
إِنَّ فِي ٱخْتِلاَفِ ٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ ٱللَّهُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ
٦
إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا وَرَضُواْ بِٱلْحَيٰوةِ ٱلدُّنْيَا وَٱطْمَأَنُّواْ بِهَا وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ
٧
أُوْلَـٰئِكَ مَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ
٨
إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ
٩
دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ ٱللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ
١٠
-يونس

تفسير الأعقم

{ انه يبدؤ الخلق } في الدنيا أي يخلقهم أحياء ولم يكونوا شيئاً { ثم يعيده } يوم القيامة { ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط } أي بالعدل لا ينقص من أجورهم شيئاً، ثم بين تعالى أنه القادر على النشأة الثانية فقال تعالى: { هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً } أي خلق القمر نوراً للخلق وفيهما من الدلالة وجوه كثيرة: فمنها خلقهم وخلق النور والضياء فيهما ورفعهما وامساكهما ومنازلهما ومشارقهما ومغاربهما وزيادة القمر ونقصانه، فالقمر يقطع المنازل في شهر، والشمس في سنة { وقدره منازل } يعني وقدر مسير القمر منازل وقدره ذا منازل كقوله تعالى: { { والقمر قدّرناه منازل } [يس: 39] { لتعلموا عدد السنين والحساب } وحساب الأوقات من الأشهر والليالي والسنين والآجال والزرع والشتاء والصيف { ما خلق الله ذلك } إشارة إلى المذكور { إلا بالحق } أي خلقه بالحكمة منفعة لعباده في دينهم ودنياهم كأوقات الصلاة والصوم والحج وغير ذلك من منافع الدنيا والدين، ومع ذلك يدل على وحدانيته وقدرته وكونه عالماً لم يزل ولا يزال { يفصّل الآيات } يبينّها فصلاً فصلاً { إن في اختلاف الليل والنهار } يعني إتيان أحدهما خلف الآخر، وقيل: اختلافهما ضياء أحدهما وظلمة الآخر { وما خلق الله في السموات } من الكواكب والأفلاك ورفعها بغير عمد ودوران النجوم { والأرض } من أنواع الحيوانات وأنواع الأرزاق والنعم من المأكول والملبوس والمشموم { لآيات } لحجج وعلامات { لقوم يتقون } معاصي الله { إن الذين لا يرجون لقاءنا } لا يخافون عقابنا { ورضوا بالحياة الدنيا } فعملوا لها واختاروها على الآخرة ولم يعملوا للآخرة { واطمأنوا بها } سكنوا إليها { والذين هم عن آياتنا غافلون } فلم يتفكروا { إن الذين آمنوا بالله ورسوله وعملوا الصالحات } أقاموا الصلوات المفروضة { يهديهم ربهم }، قيل: إلى الجنة، وقيل: بالنور على الصراط، وقيل: يرشدهم في الدنيا إلى الطاعات { تجري من تحتهم الأنهار } يعني من تحت بساتينهم وأسرتهم وقصورهم { دعواهم فيها سبحانك اللهم } أي تنزيهاً لك عن كل سوء، روي ذلك مرفوعاً، وقيل: إنهم يتلذذون بقول التسبيح { وتحيتهم فيها سلام } أي بعضهم يحي بعضاً بالسلام، وقيل: هي تحية الملائكة إياهم، وقيل: تحيَّة الله لهم { وآخر دعواهم } وخاتمة دعائهم الذي هو التسبيح { أَنِ الحمد لله ربِّ العالمين }.