التفاسير

< >
عرض

تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ
١
مَآ أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ
٢
سَيَصْلَىٰ نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ
٣
وَٱمْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ ٱلْحَطَبِ
٤
-المسد

تفسير الأعقم

قلت: التب: الخسران المؤدي الى الهلاك، تبّ يتبّ تباً والتباب الهلاك ومعنى { تبت } خسرت وهلكت، وفي هذا اخبار وذم له، وقيل: فيه بمعنى الدعاء نحو قاتلهم الله { يدا أبي لهب } فأخبر عن يده والمراد نفسه، وقيل: المراد اليد بعينها حين أراد أن يرمي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فمنعه الله منه، فقال: خسرت يدا أبي لهب، قيل: هي كناية واسمه عبد العزى، وقيل: كنايته، وقيل: سمي بذلك لحسنه واشراق وجهه وكان وجنتاه يلتهبان، وقيل: كني بذلك لأنه يصير الى النار ويعذب باللهب، وقيل: كان مشهوراً بالكنية فأراد أن يشتهر بالفضيحة { وتب } قيل: الواو للعطف، وقيل: للحال، قيل: وقد تب أي خسر وهلك، وقيل: الأول هلاك ماله، والثاني هلاك نفسه، والمعنى هلاك ماله ونفسه { ما أغنى عنه } أي ما كفا عنه ماله من عذاب الله شيئاً، وعن ابن مسعود: ان أبا لهب لما دعاه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الى الاسلام وأخبره بالجنة والنار قال: ان ما يقول ابن اخي حقاً فاني أفتدي نفسي بمالي، فبين أنه لا يغني عنه ماله شيئاً، وقيل: معناه أي شيء يغني عنه ماله إذا نزل به عذاب الله { وما كسب } قيل: ولده، وقيل: كسبه أمواله، وقيل: أفعاله، ومتى قيل: من أي شيء لا يغني عنه ماله، قيل: فيه وجهان أحدهما من عذاب الله في الآخرة والثاني ما حل به في الدنيا { سيصلى ناراً } يعني سيفعل به ذلك { ذات لهب } يتوقد { وامرأته } أي ستصلى امرأته بتلك النار وهي أم جميل بنت حرب أخت أبي سفيان عمة معاوية وكانت عوراء { حمالة الحطب } قيل: كانت تمشي بالنميمة فوصفت بحمالة الحطب كأنها نقّالة الحديث والكذب، وانما شبهت النميمة بالحطب لأن الحطب يوقد به الثأر والنميمة يوقد بها نار العداوة، وقيل: كانت تأتي بالشوك فتطرحه على طريق رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إذا خرج الى الصلاة، وروي أنها كانت تأتي بالحسك فتطرحه في طريق المسلمين، فبينما هي حاملة ذات يوم حزمة حطب فأعيت فقعدت على حجرة لتستريح فأتاها ملك فحزفها من خلفها فأهلكها، وقيل: حمالة الخطايا ونظيره يحملون أوزارهم { في جيدها } في عنقها { حبل من مسد } قيل: تحمل الحطب بحبل من ليف، وأصل المسد الفتل وجمعه أمساد، ومنه الليف لأن من شأنه أن يفتل الحبل وكانت تحمل به حتى تلقي الشوك على ما تقدم، وقيل: سلسلة من حديد سبعون ذراعاً تدخل من فيها وتخرج من دبرها في النار، وعن ابن عباس: وقيل: ذلك الحبل الذي تحمل به يكون في عنقها في النار ويحتمل أن يكون حالها في النار على الصورة التي كانت عليها حين كانت تحمل الشوك فلا تزال على ظهرها حزمة من حطب النار من شجر الزقوم أو من الضريع.