التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ ٱلْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ ٱلأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ ٱلْمَوْتَىٰ بَل للَّهِ ٱلأَمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْأَسِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَهَدَى ٱلنَّاسَ جَمِيعاً وَلاَ يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِّن دَارِهِمْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ وَعْدُ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ
٣١
وَلَقَدِ ٱسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ
٣٢
أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي ٱلأَرْضِ أَم بِظَاهِرٍ مِّنَ ٱلْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكْرُهُمْ وَصُدُّواْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ
٣٣
لَّهُمْ عَذَابٌ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٍ
٣٤
مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَىٰ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّعُقْبَى ٱلْكَافِرِينَ ٱلنَّارُ
٣٥
-الرعد

تفسير الأعقم

{ ولو أن قرآناً سيّرت به الجبال } جواب لو محذوف أي لو كان هذا { أو قُطِّعَت به الأرض } الآية نزلت في جماعة من كفار قريش منهم أبو جهل، وعبد الله بن أمية المخزومي، قالوا: يا محمد إن كان هذا القرآن حقاً فسيّر لنا جبال مكة حتى تنفسح لنا فإنها أرض ضيقة، واجعل لنا فيها عيونا وأنهاراً فنزلت الآية { سيِّرت به الجبال } على وجه الأرض { أو قطِّعت به الأرض } أي شقت وجعلت أنهاراً وعيوناً { أو كلِّم به الموتى } أي وأحيي به الموتى لكان هذا القرآن { بل لله الأمر جميعاً }، وقوله: { أفلم ييأس الذين آمنوا } أي من إيمان هؤلاء الكفار { أَن لو يشاء الله لهدى الناس جميعاً } أي لو شاء ألجأهم إلى ذلك { ولا يزال الذين كفروا }، قيل: أراد جميع الكفار { تصيبهم بما صنعوا } من كفرهم وتكذيبهم { قارعة } أي مهلكة، وقيل: داهية وعقوبة من قتلٍ وأسرٍ، وقيل: أراد بالقارعة سرايا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) { أو تحل } أي أو تحل أنت { قريباً من دارهم } أي أو تحل القارعة قريباً من دارهم { حتى يأتي وعد الله } وهو موتهم أو القيامة، وقيل: هو فتح مكة وكان الله تعالى قد وعده ذلك { ولقد استهزئ برسل من قبلك } كما استهزأ هؤلاء بك { فأمليت للذين كفروا } أي أمهلتهم ليتوبوا ويتدبروا ولتتم عليهم الحجة { ثم أخذتهم } بالعقاب والهلاك { فكيف كان عقاب } أي كيف رأيتم عذابي لأولئك كذلك يكون هؤلاء وفيه تسلية للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) { أفمن هو قائم على كل نفس } صالحة أو طالحة { بما كسبت } احتجاج عليهم في إشراكهم بالله تعالى، يعني فالله هو الذي هو قائم رقيب على كل نفس صالحة وطالحة بما كسبت يعلم خيره وشره، أي كمن ليس هو كذلك وهي الأوثان { وجعلوا لله شركاء } من خلقه يعبدونهم { قل سموهم } يعني ليس لهم اسم له مدخل في باب الإِلهية وذلك استحقار بهم، وقيل: جعلتم له شركاء فسموهم له من هم وبينوهم بأسمائهم { أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض } يعني تخبرونه بما لا يعلم يعني إلا أن تضيفوها بما لا يصلح أن يعلم أنه تعالى لا يعلم لنفسه شريكاً { أم بظاهر من القول } يعني يقولون قولاً لا حقيقة له، ذلك قولهم بأفواههم ما تعبدون من دونه إلاَّ أسماء سميتموها { بل زين للذين كفروا مكرهم }، قيل: إنما زين ذلك شياطين الجن والإِنس { ومن يضلل الله فما له من هاد }، قيل: يحكم لضلالته، وقيل: من أضله عن طريق الجنة { لهم عذاب في الحياة الدنيا } يعني يجمع لهم بين عذاب الدنيا والآخرة { ولعذاب الآخرة أشق } أي أشد على النفوس { وما لهم من الله من واق } من دافع يدفع عنهم العذاب { مثل الجنة التي وعد المتقون } يدخلونها { تجري من تحتها الأنهار } أي من تحت أشجارها وأبنيتها { أكلها دائم } أي مأكولاتها وثمارها دائمة لا تنقطع { وظلها } يعني دائم ظلها فلا يكون فيه شمس ولا حرٌّ ولا بردٌ { تلك عقبى الذين اتقوا } أي هذه الجنة عاقبة أمر المتقين وعاقبة أمر { الكافرين النار }.