{ونبّئهم} أي أخبرهم {عن ضيف ابراهيم} وهم الملائكة الذين دخلوا عليه وسماهم ضيفاً وان لم يأكلوا لأنهم جاؤوا مجيء الأضياف، وقد تقدم هذا الكلام في سورة هود، وكذلك أيضاً خبر قوم لوط، وقوله: {قال انا منكم وجلون} خائفون {قالوا لا توجل} لا تخف {إنا نبشرك بغلام عليم} بأن يولد لك ويكون عالماً {قال ابراهيم أبشرتموني على أن مسني الكبر فبم تبشرون} كيف تبشرون، وقيل: عجب من ذلك لكبره وكبر امرأته {قالوا بشرناك بالحق} بالولد إنه كائن لا محالة {فلا تكن من القانطين} الآيسين من رحمة الله، ولم يكن فيه (صلى الله عليه وآله وسلم) قنوطاً {قال} ابراهيم {ومن يقنط من رحمة ربه إلاَّ الضالون} {قال فما خطبكم} أي ما شأنكم وما الأمر الذي له أرسلتم {قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين} مفرطين في المعاصي فأخبروه بإهلاكهم {إلاَّ آل لوط} أهله واتباعه {إنا لمنجّوهم أجمعين} قوله تعالى: {إلاَّ امرأته} يعني امرأة لوط كانت كافرة {قدّرنا}، قيل: علمنا وكتبنا {إنها لمن الغابرين} أي من الباقين بالعذاب بكفرهم {فلما جاء آل لوط المرسلون} يعني الملائكة لما خرجوا من عند ابراهيم أتوا لوطاً مبشرين بهلاك قومه {قال إنكم قوم منكرون} أي لا أعرفكم لأنه رآهم في صور حسنة {قالوا} يعني الملائكة {بل جئناك بما كانوا فيه يمترون} يعني العذاب الذي كانوا يشكون فيه {فأسر بأهلك بقطع من الليل} بقطعة، وقيل: وقت السحر {واتبع أدبارهم ولا يلتفت منكم أحد}، قيل: لا يتخلف أحد عن السير، وقيل: لا ينظرون وراءهم فيلحقهم رعبٌ {وامضوا حيث تؤمرون}، قيل: إلى الشام، وقيل: إلى مصر {وقضينا} أعلمنا وأوحينا {اليه} إلى لوط {ذلك الأمر أنَّ دابر هؤلاء مقطوع مصبحين} أي كائن ذلك عند الصباح {وجاء أهل المدينة} أي قوم لوط أي جماعة منهم والمدينة سدوم وهو أنهم جاوؤا إلى لوط مستبشرين يظهرون السرور، وقيل: بشر بعضهم بعضاً لما رأوا من حسن صورهم فقال لهم لوط: {إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون} بالاقدام على ما يكون عاراً عليَّ {واتقوا الله ولا تخزون} والخزي والعار والعتب نظائر والإخزاء والإهانة نظائر، فأجابوا لوطاً {وقالوا أو لم ننهك عن العالمين} فلما قالوا ذلك لم يجد بما يمنع أضيافه فـ {قال هؤلاء بناتي} يعني إن لم تشفعوني بأضيافي فهؤلاء بناتي إن كان لكم رغبة في التزويج، وكان يجوز تزويج الكفار، وقيل: بناتي أشار إلى قومه، لأن كل أمّة أولاد نبيها رجالهم بنوه ونساؤهم بناته، فكأنه قال لهم: هؤلاء بناتي فانكحوهن {إن كنتم فاعلين} شك في قبولهم لقوله كأنه قال: إن فعلتم ما أقول لكم وما أظنكم فاعلين، وقيل: إن كنتم تريدون قضاء الشهوة فيما أحل الله دون ما حرم {لعمرك} قالت الملائكة للوط (عليه السلام): {لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون} أي في غوايتهم التي أذهبت عقولهم يعمهون يتحيرون، وقيل: الخطاب لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنه أقسم بحياته وما أقسم بحياة أحد قط كرامة له {فأخذتهم الصيحة} صاح بهم جبريل {مشرقين} داخلين في الشروق وهو بزوغ الشمس أي حين أشرقت الشمس {فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجّيل}، قيل: من طين، وقيل: هو من السجل {إن في ذلك لآيات للمتوسمين} المتوسم الناظر في السمة وهي العلامة، والعلامة الدلالة، وهذا راجع إلى قصة قوم لوط وضيف ابراهيم، وقوله: المتوسمين المتفكرين، يعني تفكروا فيعلموا أنه قادر على ما شاء وعلى إهلاكهم كما أهلك من قبلهم، وقيل: المتوسمين المتفرسين المستملين {وانها} وإن هذه القرية يعني أثارها {لبسبيل مقيم} أي بطريق واضح معلوم لمن شاهد فسمع الأخبار، وقيل: تلك الآيات معلومة قائمة، وقد روي أن دور قوم لوط بين المدينة والشام {إن في ذلك لآيةً} لعبرة {للمؤمنين}.