التفاسير

< >
عرض

وَآتَيْنَآ مُوسَى ٱلْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً
٢
ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً
٣
وَقَضَيْنَآ إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي ٱلْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي ٱلأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً
٤
فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَآ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ ٱلدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً
٥
ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ ٱلْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً
٦
إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ ٱلْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً
٧
عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً
٨
-الإسراء

تفسير الأعقم

{ وآتينا موسى الكتاب } يعني التوراة { ألاّ تتخذوا من دوني وكيلاً }، قيل: شريكاً، وقيل: ربا { ذرية من حملنا مع نوح } أولاد من حملنا مع نوح وأنجيناهم من الطوفان في السفينة { إنه كان عبداً شكوراً } وهو نوح (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان إذا لبس ثوباً أو أكل طعاماً أو شرب ماءً حمد الله وشكره، وقيل: كان قائماً بطاعة الله { وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب } أي أخبرناهم في التوراة، وقيل: على لسان بعض الأنبياء، وقيل: فيما كتب في اللوح المحفوظ { لتفسدنَّ في الأرض مرتين }، قيل: بقتل الأنبياء وسفك الدماء وكثرة الفساد، وقيل: في الأول قتل زكريا، وفي الثاني قتل يحيى { ولتعلنَّ علواً كبيراً } أي لتستكبرون ولتظلمون الناس ظلماً كثيراً، وروي أنهم كانوا مؤمنين فأخبرهم أنهم يتغيرون { فإذا جاء وعد أولاهما } أوْلَى المرتين التي يفسدون فيهما { بعثنا عليكم }، قيل: أمرنا قوماً مؤمنين يغزونكم، وقيل: خلّينا بينكم وبينهم، والظاهر أنهم قوم مؤمنين أمروا بجهادهم لقوله: { بعثنا }، وقوله: { عباداً لنا }، وقيل: بخث نصّر، وعن ابن عباس: جالوت قتلوا علماءهم وأحرقوا التوراة وأخربوا المسجد وسبوا منهم سبعون ألفاً، فإن قيل: كيف جاز أن يبعث الله الكفرة ويسلطهم؟ قالوا: معناه خلينا بينهم وبين ما فعلوا { فجاسوا } والجوس: التخلل في الديار، وقيل: جاسوا وطئوا يقال: تركت فلاناً يجوس بني فلان ويجوسهم ويدوسهم أي يطأهم، قال أبو عبيدة: كل موضع خالطته ووطئته فقد جسته و{ خلال الديار } وسطها { وكان وعداً مفعولاً }، قيل: قضاء كائناً لا خلف فيه { ثم رددنا لكم } يا بني اسرائيل { الكرة } الرجعة { عليهم } لأنهم تابوا وندموا على ما سلف منهم من المعاصي وقتل الأنبياء فقبل الله توبتهم ونصرهم على أعدائهم { وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيراً } أكثر عدداً وأكثر رجالاً { إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم } يعني أحسنتم التوحيد والعمل الصالح، أحسنتم لأنفسكم لها ثوابها واليها يعود نفعها { وإن أسأتم } العمل { فلها } قيل: الخطاب لبني اسرائيل، وقيل: الخطاب لأمة نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) اعتراضاً بين القصة { فإذا جاء وعد الآخرة } أي المرة الأخرى من إفسادكم بالقتل والظلم، وقيل: بقصدهم بقتل عيسى، وقيل: يحيى (عليه السلام)، واختلفوا فيمن جاءهم في هذه الواقعة قيل: الفرس والروم قتلوهم وسبوهم وأخذوهم بعد أن كانوا الملوك على الناس، وقيل: الذي غزا بني اسرائيل في المرة الأخرى ملوك فارس والروم وذلك لما قتلوا يحيى أتاهم ملوك الروم فقتل منهم مائة ألف وثمانين ألفاً وخرب بيت المقدس، وقيل: جاءهم بخت نصّر، وقيل: لم يزل دم يحيى بن زكريا حتى قتل منهم بخت نصر سبعين ألفاً واثنين وسبعين ألفاً ثم سكن الدم { لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ } إنما ذكر الوجه لأن معه يظهر السرور والحزن { وليدخلوا المسجد } بيت المقدس ونواحيه { كما دخلوه أول مرة } وإنما أضاف الدخول أول مرة إلى هؤلاء وإن كان بين الدخولين مدة عظيمة لأنهم كانوا في ذلك الوقت راضين بفعلهم، وقيل: يحتمل أن يكون القوم في الكرتين واحد والمدة بينهما قريبة فلا مانع { وليتبّروا ما علوا } أي ليهلكوا وليدمروا ما علوا عليه من بلادهم { عسى ربكم } عسى من الله واجبٌ { أن يرحمكم } يا بني اسرائيل { وإن عدتم } إلى المعصية { عدنا } إلى العقوبة، فعادوا فبعث الله عليهم محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) فهم يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون، وقيل: إن عدتُم إلى التوبة عدنا إلى المغفرة { وجعلنا جهنم للكافرين حصيراً } مجلساً، وقيل: مهاداً، وعن الحسن: بساطاً ينبسط كالحصير.