التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا قَرَأْتَ ٱلْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً
٤٥
وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِيۤ ءَاذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي ٱلْقُرْءَانِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَىٰ أَدْبَٰرِهِمْ نُفُوراً
٤٦
نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَىٰ إِذْ يَقُولُ ٱلظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً
٤٧
ٱنْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً
٤٨
وَقَالُوۤاْ أَءِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً
٤٩
قُلْ كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً
٥٠
أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ ٱلَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيباً
٥١
يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً
٥٢
-الإسراء

تفسير الأعقم

{ وإذا قرأت القرآن } يا محمد { جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً }، قيل: معناهم عند قراءتك، وجعلنا بينك وبينهم حجاباً مستوراً يعني ساتراً، وقيل: عن العيون، وقيل: هو ذمٌّ لهم وتشبيه أي كان بينك وبينهم حجاباً، وقيل: جعلنا بينك وبين مشركي قريش حجاباً مانعاً أن ينالوك { وجعلنا على قلوبهم أكنة } غطاء { أن يفقهوه } فيعلموه، يعني جعلنا بالحكم أنهم بهذه المنزلة { وفي آذانهم وقراً } أي ثقلاً للقرآن { وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولّوا على أدبارهم نفوراً } أي أعرضوا عنك مدبرين فارّين { نحن أعلم بما يستمعون به } وعد لهم وتسلية للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يعني هؤلاء يسمعون ويتناجون دونك ونحن أعلم بهم { إذ يستمعون إليك } إلى قراءتك القرآن { وإذ هم نجوى } وتناجيهم أن بعضهم قال: هو مجنون، وبعضهم قال: ساحر، وبعضهم قال: كاهن، وبعضهم قال: أساطير الأولين { انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلّوا } بهذا القول عن الحق بأن قالوا: ساحر، وقالوا: مجنون، وقالوا: كاهن { فلا يستطيعون سبيلاً } أي لا يجدون حيلة وطريقاً في تكذيبك إلى البهت، وقيل: ضلوا عما طلبوا في بطلان أمره فلم يجدوا إلى ذلك سبيلاً { وقالوا أئذا كنا عظاماً ورفاتاً } نزلت في مشركي قريش في إنكارهم البعث، الرفات هو ما تكسر وبلي من كل شيء، وقيل: تراباً، وقيل: غباراً { قل } يا محمد لهم { كونوا حجارة أو حديداً } وهذا ليس أمراً ولا إباحة ولكن معناه لو كنتم حجارة أو حديداً في الشدة، لم يفت الله وسيحييكم من بعد الموت كما أنشأكم أول مرة { أو خلقاً مما يكبر في صدوركم }، قيل: أي شيء استعظمتموه في الخلق ويكبر في صدوركم، وقيل: السماوات والأرض والجبال، وعن ابن عباس: هو الموت وهو أكبر الأشياء، قال الثعلبي: البعث { فسيقولون من يعيدنا } بعد الموت { قل } يا محمد { الذي فطركم أول مرة }، قوله تعالى: { فسينغضون إليك رؤوسهم } فسيحركونها تعجباً واستهزاء { قل } يا محمد { عسى أن يكون قريباً }: عسى من الله واجبٌ، والمعنى أن يكون قريباً في حكم الله { يوم يدعوكم } أي من قبوركم، وقيل: هو النداء بالخروج إلى أرض المحشر { فتستجيبون } أي تجيبون مضطرين صاغرين { بحمده } أي حامدين الله على نعمه، وقيل: تحمدونه حيث لا ينفعكم الحمد، قال جار الله: والدعاء والاستجابة كلاهما مجاز والمعنى يوم يبعثكم فتنبعثون مطاوعين منقادين لا تمتنعوا، وقوله: { بحمده } حال منهم أي حامدين وهي مبالغة في انقيادهم للبعث { وتظنون إن لبثتم إلاَّ قليلاً } في الدنيا والقبر وإنما هو تقرير الوقت كما قال الحسن: كأنك بالدنيا لم تكن وبالآخرة لم تزل، وقيل: إن لبثتم إلا قليلاً بطول لبثكم في الآخرة.