التفاسير

< >
عرض

أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ ٱلْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـٰهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ
١٣٣
تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ
١٣٤
وَقَالُواْ كُونُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ
١٣٥
قُولُوۤاْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلأَسْبَاطِ وَمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ ٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ
١٣٦
فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَآ آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ ٱللَّهُ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ
١٣٧
صِبْغَةَ ٱللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ
١٣٨
قُلْ أَتُحَآجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ
١٣٩
أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَـاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ ٱللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ ٱللَّهِ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ
١٤٠
تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
١٤١
-البقرة

تفسير الأعقم

{ أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت } روي ان اليهود قالوا للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ان يعقوب يوم مات أوصى بنيه باليهوديَّة فنزلت الآية { تلك أمة } اشارة الى الأم المذكورة التي هي ابراهيم ويعقوب وبنوهما الموجودون والمعنى ان احداً لا ينفعه كسب غيره متقدماً كان أو متأخراً فكما أن أولئك لا ينفعهم الا ما كسبوا كذلك انتم لا ينفعكم الا ما كسبتم. { ولكم ما كسبتم } وذلك انهم افتخروا باوائلهم، ونحوه قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "يا بني هاشم لا يأتوني الناس باعمالهم وتأتوني بأنسابكم" . { ولا تسألون عما كانوا يعملون } ولا تؤاخذون بسيئاتهم كما لا ينفعكم حسناتهم. { قل بل ملة إبراهيم حنيفاً } والحنيف المائل عن كل دين باطل الا دين الحق { وما كان من المشركين } تعريض بأهل الكتاب وغيرهم. { قولوا آمنا بالله } الآية، خطاب للمؤمنين ويجوز ان يكون خطاباً للكافرين والأسباط السبط الحافد وكان الحسن والحسين (عليهما السلام) سبطي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والاسباط حفدة يعقوب ابناؤه الاثني عشر { لا نفرق بين أحد منهم } أي لا نؤمن ببعض ونكفر ببعض كما فعلت اليهود والنصارى { فان آمنوا بمثل ما آمنتم به } أي ان آمنوا بالله والنبي والقرآن { فقد اهتدوا وإن تولوا } عما يقولون لهم ولم ينصفوا فما هم الا { في شقاق } اي معاندة لا غير وليسوا من طلب الحق في شيء، أو فإن تولوا عن الشهادة والدخول في الايمان { فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم } ضمان من الله لاظهار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد انجز له ما وعده بقتل بني قريظة وسبيهم واجلاء بني النضير بوعده { صبغة الله } الاصل فيه ان النصارى كانوا يغمسون اولادهم في ماء يسمونه العموديَّة ويقولون: هو تطهير لهم فاذا فعل الواحد منهم ذلك قال: الآن صار نصرانياً حقاً، وصبغة الله هي الايمان { ومن أحسن من الله صبغةً } يعني أنه يصبَغُ عباده بالايمان ويطهرهم { ونحن له مخلصون } قيل: ان يخلص العبد عمله ودينه ولا يرائي، ولا يشرك به في دينه ولا يرائي بعمله، وقيل: ان يستوي أفعال العبد في الظاهر والباطن، وفي الحديث: "لكل حق حقيقة وما بلغ احد حقيقة الإخلاص حتى لا يحب ان يحمد على شيء مما عمله لله تعالى" ، وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال: "سألت جبريل عن الإخلاص ما هو؟ قال: سر من أسراري أستودعه قلب من احب من عبادي" { ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله } يعني التي شهد بها لإبراهيم في قوله: { { ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين } [آل عمران: 67] وقيل: ما احد أظلم من اليهود حيث كتموا شهادة الله تعالى لمحمد (عليه السلام) بالنبوة في كتبهم فكتموها.