قوله تعالى: {وقاتلوا في سبيل الله} قيل: هي اول آية نزلت في القتال {ولا تعتدوا} فتبدأوا بالقتال، وقيل: لا تقتلوا النساء والصبيان، وقيل: الآية منسوخة بما في براءة، وقيل: بالآية الثانية وهي قوله تعالى: {واقتلوهم}، {والفتنة أشدّ من القتل} قيل: البلاء والمحن التي تنزل بالإنسان أشد عليه من القتل، وقيل: الشرك أعظم من القتل في الحرم {ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام} الآية تدل على المنع من الابتداء بالقتال في الحرم وانهم اذا بدأُوا جاز بعد ذلك، وقيل: الآية منسوخة بقوله تعالى: {وقاتلوهم} وهي غير منسوخة {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة} اي شرك {ويكون الدين لله} خالصاً ليس للشيطان فيه نصيب {فان انتهوا} من الشرك فلا تعتدوا على المنتهيين {الشهر الحرام بالشهر الحرام} أي هذا الشهر الحرام بذلك الشهر وهتكه بهتكه يعني تهتكون حرمته عليهم كما هتكوا حرمته عليكم وهو ذو القعدة قبائلهم المشركون عام الحديبيَّة وهو ذو القعدة {والحرمات قصاص} يعني كل حرمة اي حرمة كانت اقتص منه، وقيل: القتال بالشهر الحرام بالقتال في الشهر الحرام، وقيل: حرمة الشهر وحرمة البلد وحرمة الاحرام قصاص يعني قضاء عما فات واكد ذلك بقوله تعالى: {فمن اعتدى عليكم} الآية {ولا تلقوا بايديكم الى التهلكة} قيل: بالبخل، وقيل: بارتكاب المعاصي، وقيل: بترك الانفاق في سبيل الله ولهذا عقبه بقوله تعالى: {واحسنوا ان الله يحب المحسنين واتموا الحج والعمرة لله} أَتَوا بهما تامَّين كاملين بمناسكهما وشرائطهما لوجه الله تعالى {ولا تحلقوا رؤوسكم} خطاب للمحضرين اي لا تحلقوا حتى تعلموا ان الهَدي الذي بعثتموه الى الحرم قد بلغ الى محله أي مكانه الذي نحر فيه {فمن كان منكم مريضاً} أي فمن كان به مرض يحوجه الى الحلق {او به اذى من رأسه} وهو القتل أو الجراحة فعليه اذا حلق {فدية من صيام ثلاثة ايام {او صدقة} على ستة مساكين كل مسكين نصف صاع {او نسك} وهو شاة {فاذا أمنتم} الاحصار يعني فاذا لم تحصروا وكنتم في حال سعة {فمن تمتع} اي استمتع {بالعمرة الى وقت الحج} انتفاعه بالتقرب بها الى الله تعالى {فما استيسر من الهدي} هو هَدي المتعة وهو نسك {فمن لم يجد} الهدي فعليه {صيام ثلاثة ايام في الحج وسبعة اذا رجعتم} بمعنى اذا قدمتم وفرغتم من اعمال الحج، عند أبي حنيفة وعند الشافعي هو الرجوع الى اهاليهم ذلك اشارة الى التمتع عند أبي حَنيفَة واصحابه المتعة ولا قران لـ {حاضري المسجد الحرام} وعند الشافعي اشارة الى الحكم الذي هو وجوب الهدي والصوم.