التفاسير

< >
عرض

وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ
٨٩
بِئْسَمَا ٱشْتَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَآ أنَزَلَ ٱللَّهُ بَغْياً أَن يُنَزِّلُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَآءُو بِغَضَبٍ عَلَىٰ غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ
٩٠
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَآ أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَآءَهُ وَهُوَ ٱلْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَآءَ ٱللَّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ
٩١
وَلَقَدْ جَآءَكُمْ مُّوسَىٰ بِٱلْبَيِّنَاتِ ثُمَّ ٱتَّخَذْتُمُ ٱلْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ
٩٢
وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ وَٱسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ
٩٣
قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ ٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ عِندَ ٱللَّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ
٩٤
وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمينَ
٩٥
-البقرة

تفسير الأعقم

{ ولما جاءهم كتاب من عند الله } وهو القرآن. { مصدق لما معهم } من كتابهم. { وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا } يستنصرون على المشركين، نزلت الآية في بني قريظة والنضير اذا قاتلوهم قالوا: اللهم انصرنا بالنبي المبعوث آخر الزمان الذي نجد نعته وصفته في التوراة، فلما بعث من العرب ولم يكن منهم كفروا به وجحدوه كما قال تعالى: { فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين } فقال لهم معاذ بن جبل وبشير: يا معاشر اليهود اتقوا الله وأسلموا فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد، ونحن اهل شرك، وتصفونه وتذكرونه أنه مبعوث، فقال سلام بن مشكم أخو بني النضير: ما جاءنا بشيء نعرفه، وما هو الذي كنا نذكره لكم فنزلت الآية عن ابن عباس، وقيل: معناه تستفتحون تفتحون عليهم وتعرفونهم ان نبياً منهم يبعث قد قرب. { بئس ما اشتروا به انفسهم } يعني بئس شيئاً اشتروا به انفسهم، والمخصوص بالذم { ان يكفروا }، واشتروا بمعنى باعوا. { بغياً } حسداً، وطلباً لما ليس لهم. { ان ينزل الله من فضله } الذي هو الوحي. { على من يشاء } وتقتضي حكمته. { فباؤوا بغضب على غضب } فصاروا أحقاء بغضبٍ مترادف لانهم كفروا بنبي الحق وبَغوا عليه، وقيل: معنى فباؤوا بغضب على غضب الاول بكفرهم بعيسى ابن مريم والثاني بكفرهم بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وتبديل نعته في كتابهم. { واذا قيل لهم آمنوا بما انزل الله قالوا نؤمن بما انزل علينا } ارادوا التوراة. { ويكفرون بما وراءه } وهو القرآن. { وهو الحق مصدقا لما معهم } غير مخالف له. { ولقد جاءكم موسى بالبينات } بالمعجزات. { ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون } وانتم عادتكم الظلم. { ورفعنا فوقكم الطور } وكرر رفع الطور لما نيط به من زيادة ليست مع الأولى مع ما فيه من التوكيد. { خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا } ما امرتم به. { قالوا سمعنا } قولك. { وعصينا } امرك. { وأشربوا في قلوبهم العجل } أي حبه، والحرص على عبادته، وقد تقدم الكلام فيه. { قل بئس ما يأمركم به إيمانكم } بالتوراة لأنه ليس في التوراة عبادة عجل. { قل إن كانت لكم الدار الاخرة عند الله خالصةً } الآية نزلت في اليهود لما ادّعوا انهم أبناء الله واحباؤه، وقولهم: { { لن تمسنا النار إلا أياماً معدودةً } [البقرة: 80] فقال تعالى: { فتمنوا الموت } لانه من أيقن انه من اهل الجنة اشتاق اليها، وتمنى سرعة الوصول الى دار النعيم، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: "لو تمنوا الموت ما بقي على وجه الأرض يهودي" . { ولن يتمنوه أبدا بما قدمت ايديهم } بما سلف من موجبات الكفر بمحمد وما جاء به وتحريف كتاب الله وسائر انواع الكفر. { والله عليم بالظالمين } تهديد لهم. { ولن يتمنوه أبداً } من المعجزات لانه اخبار بالغيب وكان كما اخبر به كقوله تعالى: { { فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا } [البقرة: 24].