التفاسير

< >
عرض

قَالاَ رَبَّنَآ إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَآ أَوْ أَن يَطْغَىٰ
٤٥
قَالَ لاَ تَخَافَآ إِنَّنِي مَعَكُمَآ أَسْمَعُ وَأَرَىٰ
٤٦
فَأْتِيَاهُ فَقُولاۤ إِنَّا رَسُولاَ رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ وَلاَ تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ وَٱلسَّلاَمُ عَلَىٰ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلْهُدَىٰ
٤٧
إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَآ أَنَّ ٱلْعَذَابَ عَلَىٰ مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ
٤٨
قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يٰمُوسَىٰ
٤٩
قَالَ رَبُّنَا ٱلَّذِيۤ أَعْطَىٰ كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ
٥٠
قَالَ فَمَا بَالُ ٱلْقُرُونِ ٱلأُولَىٰ
٥١
قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لاَّ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنسَى
٥٢
ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّن نَّبَاتٍ شَتَّىٰ
٥٣
كُلُواْ وَٱرْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ
٥٤
مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ
٥٥
وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَىٰ
٥٦
قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يٰمُوسَىٰ
٥٧
فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَٱجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لاَّ نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلاَ أَنتَ مَكَاناً سُوًى
٥٨
قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ ٱلزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ ٱلنَّاسُ ضُحًى
٥٩
-طه

تفسير الأعقم

{ قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا } أي يسرف ويجاوز الحد، وقيل: بالقتل والعقوبة { قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى } بينكما وبينه من قول وفعل، وكأنه قيل: أنا حافظ لكما وناصر سامع مبصر { فأتياه فقولا إنا رسولا ربك } ندعوك اليه { فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم } بذبح الأبناء، والإِستعباد للرجال واستحياء النساء { قد جئناك بآية من ربك } اليد والعصا { والسلام على من اتَّبع الهدى } يريد سلام الملائكة الذين هم خزنة الجنة على المهتدين { إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذَّب وتولَّى } أي أن العذاب على من كذَّب الرسل وتولَّى أعرض عن الحق { قال فمن ربكما يا موسى قال } موسى { ربَّنا الذي أعطى كل شيء خلقه } يعني أعطى كل شيء صلاحه وهداه لما يصلحه، وقيل: اليد للبطش، والرجل للمشي، واللسان للنطق، والعين للبصر، وكذلك الأنف واليد والرجل، والأزواج: البعير للناقة والرجل للمرأة، فلم يزاوج منها شيء غير جنسه، قوله تعالى: { قال } فرعون { فما بال القرون الأولى } يعني فما حال الأمم الماضية في العقاب والثواب؟ وقيل: فيما دعوت الله، وقيل: في إعادة القرون ومتى يكون؟ { قال } موسى { علمها عند ربي في كتاب } محفوظ، عند الله في اللوح المحفوظ، وقيل: أراد بالكتاب ما تكتبه الملائكة { لا يضل ربي ولا ينسى } يعني لا يضل لا يذهب عليه شيء، ولا ينسى من النسيان. وقيل: هما واحد، عن ابن عباس: لا يترك من كفر به حتى ينتقم منه ولا يترك من وحّده حتى يجازيه { الذي جعل لكم الأرض مهاداً } يتصل بما قبله من دلائل التوحيد، يعني جعل الأرض للعباد فراشاً، وكذلك جعل { لكم فيها سبلاً } طرقاً للذهاب والمحجة في أكنافها { وأنزل من السماء ماءً فأخرجنا به أزواجاً } أصنافاً سميت بذلك لأنها مزدوجة مقترنة بعضها مع بعض، وهذا: { { هو الذي أنزل من السماء ماءً فأخرجنا به نبات كل شيء } [الأنعام: 99] { ألم ترَ أن الله أنزل من السماء ماءً فأخرجنا به ثمرات مختلفاً ألوانها } [فاطر: 27] { من نبات شتّى } يعني مختلف الألوان والطعوم والمنافع، منها ما يصلح للناس ومنها ما يصلح للدواب، ثم بيَّن تعالى أن هذا لمنافع العباد، فقال سبحانه: { كلوا وارعوا أنعامكم } يعني تأكلوا بعضها وتعلفوا بعضها { إن في ذلك لآيات لأولي النهى }، قيل: الذين ينتهون عما حرّم الله، وقيل: لذوي الورع، وقيل: لذوي العقول { منها خلقناكم } أي من الأرص خلق أصلهم وهو آدم (عليه السلام)، وروي في الكشاف والحاكم أن الملك يأخذ من تراب المكان الذي يدفن فيه فيذره على النطفة فيخلق من التراب والنطفة فذلك قوله تعالى: { منها خلقناكم وفيها نعيدكم } في الأرض عند الموت { ومنها نخرجكم تارة أخرى } عند البعث { ولقد أريناه آياتنا كلها }، قال جار الله: الإِشارة إلى الآيات المعلومة التي هي التسع المختصة بموسى (عليه السلام): العصا واليد، وفلق البحر، والحجر، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، ونتق الجبل، فكذَّب بها جميعاً وأبى أن يقبل الحق، ثم نسب ما جاء به موسى إلى السحر تلبيساً على قومه فقال: { أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى } { فلنأتينّك بسحر مثله } أي بمثل ما أتيت { فاجعل بيننا وبينك موعداً } للوقت الذي تلقي فيه { لا نخلفه نحن ولا أنت مكاناً سوىً } مستوياً بين الناس، وقيل: وسطا بين الفريقين { قال } موسى { موعدكم يوم الزينة }، قيل: كان يوم عيد يتزينون، وقيل: يوم عاشوراء عن ابن عباس { وأن يحشر الناس ضحى } وقت الضحى يجتمع الناس نهاراً جهاراً فترون ما يجري بيننا فيكون أبلغ في الحجة.