التفاسير

< >
عرض

قَالُواْ حَرِّقُوهُ وَٱنصُرُوۤاْ آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ
٦٨
قُلْنَا يٰنَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَٰماً عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ
٦٩
وَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ ٱلأَخْسَرِينَ
٧٠
وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ
٧١
وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلْنَا صَالِحِينَ
٧٢
وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِمْ فِعْلَ ٱلْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ ٱلصَّلاَة وَإِيتَآءَ ٱلزَّكَـاةِ وَكَانُواْ لَنَا عَابِدِينَ
٧٣
-الأنبياء

تفسير الأعقم

{ قالوا حرّقوه وانصروه آلهتكم إن كنتم فاعلين } قيل: إن كنتم تفعلون الانتصار منه لآلهتكم فليس الإِحراق، قال جار الله: اجمعوا رأيهم لما غلبوا بإهلاكه، وهكذا المبطل إذا نزعت شبهته بالحجة وافتضح لم يكن أحداً أبغض إليه من المحق، ولم يبق له مفزع إلا المناصبة كما فعلت قريش برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حين عجزوا عن المعارضة، والذي أشار بتحريقه رجلٌ من أكراد فارس فخسف الله به الأرض، وقيل: الذي أشار بتحريقه نمرود، وروي أنهم حين همّوا بإحراقه حبسوه ثم بنوا بيتاً كالحصيرة بكوثى، وجمعوا شهراً أصناف الخشب الصلاب حتى كانت المرأة لتمرض فتقول: لئن عافاني الله لأجمعن حطباً لإِبراهيم، ثم أشعلوا ناراً عظيمة كانت الطير تحرق في الجوّ من وهجها، ثم وضعوه في المنجنيق مقيداً مغلولاً فرموا به فيها فنادى جبريل (عليه السلام): { يا نار كوني برداً وسلاماً } وحكي ما احترق منه إلاَّ وثاقه، وقال له جبريل حين رمي به: هل لك حاجةٌ؟ قال: أما إليك فلا، قال: فسل ربك، قال: حسبه من سؤالي علمه بحالي، وعن ابن عباس: إنما نجّي بقوله حسبنا الله ونعم الوكيل، وأطل عليه نمرود من الصرح فإذا هو في روضة ومعه جليس له من الملائكة فقال: إني مقرّب إلى إلهك فذبح أربعة آلاف بقرة وكفّ عن إبراهيم، وكان إبراهيم ابن ستة عشر سنة، واختار المعاقبة بالنار لأنها أهول ما يعاقب وأقطع، ومن ثم قالوا: { إن كنتم فاعلين } أي إن كنتم ناصرين آلهتكم { برداً وسلاماً } والمعنى ذات برد وسلام، والمراد ابردي فسلم منك إبراهيم، وعن ابن عباس: لو لم يقل ذلك لأهلكه بردها { وأرادوا به كيداً } أرادوا أن يكيدوه ويمكروا به فما كانوا إلاّ مغلوبين مقهورين { ونجّيناه ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين }، قيل: أمرهما بالهجرة إلى الشام ليعلم الناس الذي قيل: إلى أرض مكة، وقيل: أرض بيت المقدس، وقيل: نجاهما من العراق إلى الشام، وبركاته لأن أكثر الأنبياء يعثرا فيها نشرت في العالمين شرائعهم، وقيل: بارك الله فيه بكثرة الماء والشجر والخصب وطيب عيش الغني والفقير، وعن سفيان أنه خرج إلى الشام فقيل له: إلى أين؟ فقال: إلى بلد يملأ فيه الجراب بدرهم، وقيل: ما من ماء عذب إلاَّ وينبع من أصله من تحت الصخرة إلى بيت المقدس، وروي أنه نزل بفلسطين ولوطا بالمؤتفكات وبينهما مسير يوم وليلة { ووهبنا له اسحاق ويعقوب نافلة } النافلة ولد الولد، وقيل: سأل إسحاق فأعطيه وأعطي يعقوب، نافلة أي زيادة وفضلاً من غير سؤال { وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا } يعني أنبياء يقتدى بهم، يهدون بأمرنا يدعون الناس إلى الدين ويرشدونهم إلى الشرائع { وأوحينا إليهم فعل الخيرات } الطاعات والشرائع وكذلك { إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين } أي مخلصين في العبادة.