{ وإن لكم في الأنعام لعبرة } أي دلالة مؤدية إلى يقين { نسقيكم مما في بطونها } يعني ألبانها { ولكم فيها منافع كثيرة } من اللحم والشعر والجلد { ومنها تأكلون } { وعليها } يعني على الأنعام { وعلى الفلك } السفينة { تحملون } في البر والبحر { ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه } قيل: سمي نوحاً لكثرة ما ناح على نفسه عن ابن عباس، وقيل: أنه دعا على قومه بالهلاك، وقيل: لدعائه في شأن ابنه { فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره } فبدأ بالتوحيد لأنه الأهم { أفلا تتقون } مخالفته ومعاصيه، وقيل: أفلا تتقون الشرك؟ { فقال الملأ الذين كفروا من قومه } يعني الأشراف وكانوا يصدون عن اتباعه { ما هذا إلاَّ بشر مثلكم يريد أن يتفضّل عليكم } أي يتشرف ويترأس فيكون له الجاة والفضل عليكم { ولو شاء الله لأنزل ملائكة } أي لو شاء الله لأنزل ملائكة ولم يرسل بشراً { ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين }، قيل: بهذا الدين، وقيل: بمثل دعوته { إن هو إلاَّ رجل به جنة } أي مجنون { فتربصوا به حتى حين } وإنما نسبوه إلى الجنون حتى حين قيل: انتظروا حتى يفيق من جنونه، وقيل: معناه احبسوه مدة ليرجع عن قوله، وقيل: إلى موته، فلما أيس منهم دعا الله سبحانه { قال رب انصرني } عليهم بإهلاكهم { بما كذبون } { فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا } بحيث يراها الرائي من عباده بعينه، وقيل: بأعين أوليائنا من الملائكة والمؤمنين فإنهم يحرسوك، وقيل: بحفظنا { ووحينا } أي أمرنا { فإذا جاء أمرنا }، قيل: نصرنا، وقيل: هو عبارة عن فوران الماء، وقيل: أمرناه بالدعاء { وفار التنور } أي علا التنور بالماء وكان ذلك علامة ومعجزة لنوح، وقيل: معناه اشتد الأمر كما يقال حمى الوطيس { فاسلك فيها من كل زوجين } أي من كل زوجين ذكر وأنثى، قال الحسن: فجمع معه من بلد وسص دون الحرسات { وأهلك } من آمن معك { إلاَّ من سبق عليه القول منهم } يعني من تقدم الوعيد عليه لأجل كفرهم كابنه وامرأته { ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون } { فإذا استويت أنت ومن معك } من المؤمنين يعني استقررت وركبت السفينة قيل: ركب معه سبعة ونوح { فقل الحمد الله الذي نجانا من القوم الظالمين } يعني احمدوا الله حيث نجاكم من أذاهم وأهلك الكافرين، قوله تعالى: { وقل رب انزلني منزلاً } قرئ بالفتح المنزل أي الموضع وبالضم، وقيل: أراد السفينة سبب النجاة، وقيل: أراد بعد الخروج من السفينة، وقيل: هو عام في كل وقت { وأنت خير المنزلين } لأن الله يحفظه ويحرسه في جميع الأحوال.