{إن في ذلك} قيل: قصة نوح، وقيل: ما تقدم {لآيات} لدلائل {وإن كنا لمبتلين} مختبرين بالدلالات ليعلموا صنائعهم وينكروه، وقيل: لمبتلين لمعاقبين لمن سلك سبيل قوم نوح في تكذيب الأنبياء {ثم أنشأنا من بعدهم} أي من بعد ما أهلكناهم {قرنا آخرين} جماعة من الناس {فأرسلنا فيهم رسولاً منهم} هود لأنه المبعوث بعده {أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} فبدأ أيضاً بالتوحيد، فلما لم يقبلوا منه قال: {أفلا تتقون}، قيل: الشرك، وقيل: المعاصي {وقال الملأ من قومه} يعني الأشراف {الذين كفروا} بالله {وكذّبوا بلقاء الآخرة} أي بالبعث والجزاء {وأترفناهم في الحياة الدنيا ما هذا إلاَّ بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون} {ولئن أطعتم بشراً مثلكم إنكم إذاً لخاسرون} باتباعه {أيعدكم} هذا الرسول {أنكم إذا متّم وكنتم تراباً وعظاماً} يعني صرتم بعد الموت رميماً وتراباً {أنكم مخرجون} من قبوركم {هيهات هيهات لما توعدون} قيل: بعد الهدى الذي توعدون {إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيى} قيل: نحيى حياة ثم نموت ولا إعادة، وقيل: يموت قوم منا ويحيا قوم {وما نحن بمبعوثين} بعد ذلك والله أعلم {إن هو إلاَّ رجل افترى على الله كذباً} وما نحن له بمؤمنين بمصدقين فيما يقول {قال رب انصرني بما كذبون} أي انصرني عليهم بأن يهلكهم لأجل تكذيبهم، فأجاب الله دعاءه وأخبر أنه سيهلكهم عن قريب فقال سبحانه: {قال عمَّا قليل} أي عن قليل من المدة، وما صلة {ليُصبحنّ نادمين} عن كفرهم {فأخذتهم الصيحة} صيحة العذاب، وقيل: هم ثمود صاح بهم جبريل {فجعلناهم غثاءً} أي موتاً، وقيل: هو المتفتت البالي في الشجر يحمله السيل عن ابن عباس {فبعداً للقوم الظالمين} قيل: بعداً لهم من الرحمة {ثم أنشأنا من بعدهم قروناً آخرين} يعني أحدثنا من بعدهم قروناً آخرين، أي جماعات من الناس {ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون} قيل: وعيدٌ لهم، يعني ما يسبق أحد ما قدر له وما يتأخر {ثم أرسلنا رسلنا تترى} أي متواترة تتبع بعضهم بعضاً {كل ما جاء أمةً رسولها كذبوه} فيما جاء به {فأتبعنا بعضهم بعضاً} في الإِهلاك {وجعلناهم أحاديث} أي يحدث بهم على طريق المثل في الشر فأما في الخير فلا، يعني جعلناهم أخباراً يستمر بها ويتعجب منها {فبعداً لقوم لا يؤمنون} أي فبعداً لهم من الرحمة.