التفاسير

< >
عرض

وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي ٱليَمِّ وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تَحْزَنِيۤ إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ
٧
فَٱلْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُواْ خَاطِئِينَ
٨
وَقَالَتِ ٱمْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لاَ تَقْتُلُوهُ عَسَىٰ أَن يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ
٩
وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغاً إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلاۤ أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
١٠
وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ
١١
-القصص

تفسير الأعقم

{ وأوحينا إلى أم موسى }، قيل: ألقينا إليها وليس نبوة، وقيل: كان رؤيا منام أن أرضعيه ما دمت آمنة { فإذا خفت عليه فالقيه في اليم } وهو النيل { ولا تخافي } عليه الغرق { ولا تحزني } عليه الضيعة، وقيل: على فراقه { إنا رادّوه إليك وجاعلوه من المرسلين } وروي أنه ذبح في طلب موسى تسعون ألف ولد، وروي أنها حين ضربها الطلق وكانت بعض العقايل الموكلات لأبناء إسرائيل مصافية لها فقالت لها: لينفعني حبك اليوم فعالجتها، فلما وقع على الأرض هالها نور بين عينيه وارتعش كل مفصل منها ودخل حبه قلبها ثم قالت لها: ما جئتك إلا قبل مولودك واخبر فرعون، ولكني وجدت لابنك حباً ما وجدت مثله فاحفظيه، فلما خرجت جاء عيون فرعون فلفته في خرقة ووضعته في تنور مسجور ولم تعلم ما تصنع لما طاش من عقلها، فطلبوا فلم يلقو شيئاً، فخرجوا وهي لا تدري مكانه، فسمعت بكاءه من التنور فانطلقت إليه وقد جعل الله النار عليه برداً وسلاماً، فلما ألّح فرعون في طلب الولدان أوحى الله إليها { فألقيه }، وروي أنها أرضعته ثلاثة أشهر في تابوت من بردى مغطى بالقار من داخله، وقوله: { فالتقطه آل فرعون } أي أخذه من غير طلب، وذلك أنه جيء به إلى موضع فيه فرعون وامرأته وألقى الله تعالى عليه محبة في قلبها فهمّ فرعون بقتله فقالت آسية: { لا تقتلوه عسى أن ينفعنا } الآية { ليكون لهم عدواً وحزناً } اللام لام العاقبة، أي أخذه ليكون قرة عين فكان لهم عدوّاً وحزناً، قال الشاعر:

لِدُوْا للموت وابنوُ للخراب ....................

{ إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطيئن } { وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك لا تقتلوه } فإنه أتى من أرض أخرى وليس من بني إسرائيل، وكانوا القوم أشاروا عليه بقتله، وقوله: { عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً } الآية لأنه لم يكن له ولد وهم لا يشعرون أن هلاكهم على يديه { وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً } والمعنى أنها حين سمعت وقوعه في يد فرعون طار عقلها لما دهمها من فرط الجزع والدهش ونحوه، وقيل: خالياً من ذكر كل شيء إلاَّ من ذكر موسى { إن كادت لتبدي به } أي قريب من أن تظهر، واختلفوا ما الذي تبدي به على قولين: أولهما أنه كناية عن الوحي إن كادت لتبدي بالوحي وما كان من أمره وأمرها { لولا أن ربطنا على قلبها } بإلهام الصبر كما تربط على الشيء، يعني شدّدنا عليه بالالطاف { لتكون من المؤمنين } من المصدقين بوعد الله وهو قوله: { إنا رادّوه إليك }، ثم ذكر تعالى تدبيره في أمر موسى وتسخير فرعون حين تولى تربيته حتى رده على أمِّه فقال سبحانه: { وقالت لأخته قصّيه } يعني أخت موسى واسمها مريم، يعني اتبعي أثر موسى لنعلم خبره { فبصرت } في الكلام اختصار أي ذهبت فوجدت آل فرعون أخرجوا التابوت وأخرجوا موسى { فبصرت به } وهذا من إعجاز القرآن الدال على الكثير { عن جنب } أي نظرت إليه مذعورة متخافية وهم لا يحسنون أنها اخته.