التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً فَأَخَذَهُمُ ٱلطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ
١٤
فأَنْجَيْناهُ وأَصْحَابَ ٱلسَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَآ آيَةً لِّلْعَالَمِينَ
١٥
وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
١٦
إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ ٱلَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَٱبْتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزْقَ وَٱعْبُدُوهُ وَٱشْكُرُواْ لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
١٧
وَإِن تُكَذِّبُواْ فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ
١٨
أَوَلَمْ يَرَوْاْ كَيْفَ يُبْدِئُ ٱللَّهُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ
١٩
قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنظُرُواْ كَيْفَ بَدَأَ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِىءُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلآخِرَةَ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٢٠
يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَآءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ
٢١
وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ
٢٢
وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَلِقَآئِهِ أُوْلَـٰئِكَ يَئِسُواْ مِن رَّحْمَتِي وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
٢٣
-العنكبوت

تفسير الأعقم

{ ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً } كان عمر نوح (عليه السلام) ألفاً وخمسين سنة، قالوا: بعث على رأس أربعين سنة ولبث في قومه تسعمائة وخمسين سنة وعاش بعد الطوفان ستين سنة، وعن وهب: أنه عاش ألف وأربعمائة سنة { فأخذهم الطوفان } ما أطاف أو أحاط بكثرة وغلبة من سيل أو ظلام ليل ونحوها { وهم ظالمون } لأنفسهم { فأنجيناه وأصحاب السفينة } كانوا ثمانية وسبعون نفساً نصفهم ذكور ونصفهم إناث منهم أولاد نوح سام وحام ويافث ونساءهم، وقيل: كانوا عشرة خمسة رجال وخمسة نسوة، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "كانوا ثمانية نوح وأهله وبنوه الثلاثة" ، فـ { جعلناها } السفينة أو الجارية { آية } أي عبرة { للعالمين } للخلق على توحيد الله وصدق نبيّه، ثم بيّن تعالى قصة إبراهيم فقال سبحانه: { وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتّقوه } يعني وحدوه واتقوا معاصيه، أو اتقوا عذابه { ذلكم } أي ما تؤمرون به من الدين { خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون } وجه الدلالة والتفكر { إنما تعبدون من دون الله أوثاناً وتخلقون إفكاً } واختلاقهم تسميتهم الأوثان آلهة وشركاء لله وشفعاء إليه { إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقاً } لأنها لا تقدر على شيء من النعم فلا تستحق العباده { فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه } وحدوه { واشكروا له إليه ترجعون } إلى حكمه تصيرون يوم القيامة { وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم } وإن يكذبوك بما جئت به { فقد كذب أمم } من قبلهم فأهلكوا { وما على الرسول إلاَّ البلاغ المبين } أي أداء الرسالة وبذل النصيحة والدعاء إلى الدين المبين الواضح الظاهر { أولم يروا } قيل: ألم يعلموا { كيف يبدئ الله الخلق } أي هلاَّ تفكروا في ابتداء خلق الله { ثم يعيده إن ذلك على الله يسير } لا تعب عليه فيه ولا نصب فإن من قدر على ذلك قدر على إرسال الرسل والمعجزات { قل } يا محمد لهم { سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق } ما ينشأ من الأشجار والنبات وسائر الحيوانات وغيرها فمن قدر عليها قدر على الإِعادة { ثم الله ينشئ النشأة الآخرة } يعيدهم بعد فنائهم { إن الله على كل شيء قدير } فيفعل ما يشاء { يعذب من يشاء } وهو من استحق العذاب من الكافرين والفاسقين { ويرحم من يشاء } من أهل طاعته { وإليه تقلبون } تردون وترجعون، قوله تعالى: { وما أنتم بمعجزين } ربكم أي تفوتونه، أي هربتم من حكمه وقضائه في الأرض الفسيحة { ولا في السماء } التي أفسح منها وأبسط لو كنتم فيها كقوله تعالى: { { إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا } [الرحمن: 33] وقيل: ولا من في السماء { وما لكم من دون الله } أي ليس سوى الله أحد يتولى نصرهم ونجاتهم من العذاب { والذين كفروا بآيات الله } قيل: بالقرآن، وقيل: سائر الحجج { ولقائه } ولقاء جزائه يوم البعث { أولئك يئسوا من رحمتي وأولئك لهم عذاب اليم }.