التفاسير

< >
عرض

فَلَمَّآ أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ ٱلْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِيۤ إِلَى ٱللَّهِ قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ ٱللَّهِ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَٱشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ
٥٢
رَبَّنَآ آمَنَّا بِمَآ أَنزَلَتَ وَٱتَّبَعْنَا ٱلرَّسُولَ فَٱكْتُبْنَا مَعَ ٱلشَّٰهِدِينَ
٥٣
وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ
٥٤
إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يٰعِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ فَوْقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ
٥٥
فَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ
٥٦
وَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِينَ
٥٧
ذٰلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَٱلذِّكْرِ ٱلْحَكِيمِ
٥٨
-آل عمران

تفسير الأعقم

{ قال الحواريون نحن أنصار الله } يعني أنصار دينه، قيل: سموا حواريين لنقاء قلوبهم وإخلاص سرائرهم في طاعة الله تعالى أعلم أن الحواريين كانوا أصفياء عيسى وأولياءه وأنصاره ووزراءه، وكانوا إثني عشر رجلاً، واختلف العلماء فيهم ومَن هم ولِم سموا بهذه الأسماء فقال ابن عباس: كانوا صيادين يصيدون السمك فمرَّ بهم عيسى، فقال: "من أنصاري إلى الله؟" فقالوا: منْ أنت؟ قال: "أنا عيسى ابن مريم عبد الله ورسوله" قالوا: فهل يكون أحد من الأنبياء فوقك؟ قال: "نعم النبي العربي فاتبعوه وآمنوا به وانطلقوا معه" وقيل: كانوا ملاحين، وقيل: كانوا قصارين يجورون الثياب أي يبيضونها، وقيل: كان الحواريون اثني عشر رجلاً تبعوا عيسى ابن مريم، وكانوا إذا جاعوا قالوا: يا روح الله جعنا فيضرب بيده إلى الأرض سهلاً كان أو جبلاً فيخرج لكل واحد منهم رغيفين فيأكلهما، وإذا عطشوا قالوا: يا روح الله عطشنا فيضرب بيده إلى الأرض فيخرج لهم ما يشربون، وقيل: الحواريون هم الأنصار، وروي أنهم قالوا: يا روح الله من افضل منّا؟ قال: "الذي يعمل بيده ويأكل من كسبه" فصاروا يغسلون الثياب بالكرى ويأكلون، وقيل: صنع ملك من الملوك طعاماً فدعا الناس إليه وكان عيسى (عليه السلام) على قصعة وكانت القصعة لم تنقص، فقال الملك: من أنت؟ قال: "أنا عيسى ابن مريم" فقال: إني أترك ملكي وأتبعك، فانطلق بمن اتبعه منهم فهم الحواريون { فاكتبنا مع الشاهدين } قيل: مع الأنبياء الذين يشهدون لأممهم، ومع الذين يشهدون بالوحدانيَّة، وقيل: مع أمة محمد لأنهما شهداء على الناس { ومكروا } يعني بني إسرائيل الذي أحسَّ منهم بالكفر، ومكرهم أنهم وكلوا به من يقتله غيلةً { ومكر الله } أي رفع عيسى إلى السماء، وألقى شبهه على من أراد اغتياله حتى قتل { والله خير الماكرين } أي أقواهم وأنفذهم كيداً وأقدرهم على العقاب من حيث لا يشعر المعاقب { إني متوفيك } أي مستوفي أجلك، ومعناه عاصمك من أن يقتلك الكفار ومؤخرك إلى أجل أكتبه لك، قوله تعالى: { ورافعك إلي } أي إلى سمائي ومقر ملائكتي { ومطهرك من الذين كفروا } من سوء جوارهم وخبث صحبتهم، وقيل: متوفيك قابضك من الأرض، وقيل: متوفي نفسك بالنوم من قوله تعالى: { { الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها } [الزمر: 42] ورافعك وأنت نائم حتى لا يلحقك خوف { وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة } يعلونهم بالحجة والسيف ومتبعوه هم المسلمون، لأنهم متبعوه في الإِسلام وإن اختلفت الشرائع دون الذين كذبوا من اليهود والنصارى { ثم إليَّ مرجعكم فأحكم بينكم } تفسير قوله تعالى: { فأما الذين كفروا فأعذبهم عذاباً شديداً في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين } قوله تعالى: { وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم }، { ذلك } إشارة إلى ما سبق من نبأ عيسى (عليه السلام) وغيره { من الآيات } الخبر { والذكر الحكيم } القرآن، لأنه ينطق بالحكمة، وعن بعض العلماء أنه أسر بالروم فقال لهم: لم تعبدون عيسى (عليه السلام)؟، قالوا: لأنه لا أب له، قال: فآدم أولى لأنه لا أبوين له، قالوا: كان يحيي الموتى، قال: فحزقيل أولى، لأن عيسى (عليه السلام) أحيى أربعة نفر وحزقيل (عليه السلام) أحيى ثمانية آلاف، قالوا: كان يبرئ الأكمه والأبرص، قال: فجرحيش أولى، لأنه طبخ وأحرق، ثم قام سليماً.