التفاسير

< >
عرض

وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرّاً لَّظَلُّواْ مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ
٥١
فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ ٱلْمَوْتَىٰ وَلاَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ
٥٢
وَمَآ أَنتَ بِهَادِ ٱلْعُمْيِ عَن ضَلاَلَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُّسْلِمُونَ
٥٣
ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْقَدِيرُ
٥٤
وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُقْسِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُواْ يُؤْفَكُونَ
٥٥
وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَٱلإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْبَعْثِ فَهَـٰذَا يَوْمُ ٱلْبَعْثِ وَلَـٰكِنَّكُمْ كُنتمْ لاَ تَعْلَمُونَ
٥٦
فَيَوْمَئِذٍ لاَّ ينفَعُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَعْذِرَتُهُمْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ
٥٧
وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِن جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَّيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُبْطِلُونَ
٥٨
كَذَلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ
٥٩
فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ ٱلَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ
٦٠
-الروم

تفسير الأعقم

{ ولئن أرسلنا ريحاً فرأوه مصفراً } وهو العاصف، وقيل: رأوا سحاباً مصفَّراً لا مطر فيه { لظلّوا من بعده يكفرون } أي داموا على كفرهم ولم يرضوا بقضاء الله { فإنك لا تسمع الموتى } فيه تسلية للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وتمهيلاً بعذره يعني إنك كما تعجز عن استماع الموتى تعجز عن استماع هؤلاء { ولا تسمع الصم الدعاء } أي لا تملك إسماع الصم كذلك هؤلاء لأنهم بمنزلة الصم حين تهدي كذلك هؤلاء { إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا } لأنه ينتفع بما يتلى عليه ويتدبره { فهم مسلمون } أي منقادون لله بما يتدبرون ويعلمون، ثم عاد إلى ذكر الأدلة فقال سبحانه: { الله الذي خلقكم من ضعف } أي أوجدكم من نطفة { ثم جعل من بعد ضعف قوة } أي شباباً { ثم جعل من بعد قوة ضعفاً } وهو حال الكبر والهرم { يخلق ما يشاء وهو العليم القدير } القادر على تصريفهم كيف يشاء وتقليبهم من حال إلى حال { ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون } أي يحلفون إظهار المذلة والصِّغَر { ما لبثوا غير ساعة } قيل: في القبور، وقيل: بعد انقطاع عذاب القبر، وفيما بين فناء الدنيا إلى البعث، وفي الحديث: "ما بين فناء الدنيا إلى البعث أربعون" لا يعلم أهي أربعون سنة أم أربعون ألف سنة؟ وذلك وقت يقضون فيه وتنقطع عبراتهم، وقيل: في الدنيا وذلك لما عاينوا أمر الآخرة كأنهم قالوا ما الدنيا في الآخرة إلا ساعة { كذلك كانوا يؤفكون } يكذبون بالدنيا حيث أخبروا عما لم يعلموا { وقال الذين أوتوا العلم والإِيمان } القائلون هم الملائكة والأنبياء والمؤمنون { لقد لبثتم في كتاب الله } في اللوح المحفوظ أو في علم الله وقضائه { إلى يوم البعث }، قيل: ظنوا أن العذاب يتأخر عنهم عدة قليلة فبيّن لهم العلماء ان العذاب لا يتأخر عنهم { فهذا يوم البعث } حق { فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون } بأن يردوا إلى الدنيا ليتوبوا، وقيل: لأن يقبل معاذيرهم { ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل } يعني أنه بالغ في البيان، وتصريف الآيات والأدلة، وضرب الأمثال، والوعد والوعيد، فلم ينقادوا ولا يطيعوا والله أعلم { ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون } { كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون }، قيل: الطبع سمةٌ يجعلها الله تعالى على قلوب الكافرين { فاصبر إن وعد الله حق } في نصرك وإظهار دينك، قوله تعالى: { ولا يستخفنّك الذين لا يوقنون } ولا يحملنك على الخفَّة والقلق جزعاً مما يقولون ويفعلون فإنهم ضالّون شاكون، وقوله: { لا يوقنون } بما أخبر الله تعالى به.