التفاسير

< >
عرض

وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى ٱللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ وَإِلَىٰ ٱللَّهِ عَاقِبَةُ ٱلأَمُورِ
٢٢
وَمَن كَفَرَ فَلاَ يَحْزُنكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ
٢٣
نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَىٰ عَذَابٍ غَلِيظٍ
٢٤
وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
٢٥
لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ
٢٦
وَلَوْ أَنَّمَا فِي ٱلأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ وَٱلْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
٢٧
مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ
٢٨
أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُولِجُ ٱلْلَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِيۤ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
٢٩
ذَلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ ٱلْبَاطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْكَبِيرُ
٣٠
أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱلْفُلْكَ تَجْرِي فِي ٱلْبَحْرِ بِنِعْمَتِ ٱللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِّنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ
٣١
وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَّوْجٌ كَٱلظُّلَلِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ
٣٢
-لقمان

تفسير الأعقم

{ ومن يسلم وجهه إلى الله } مخلص دينه لله ويفوض أمره إليه وإسلام الوجه هو الانقياد له في أوامره ونواهيه { وهو محسن } يفعل الإِحسان وهو الطاعات { فقد استمسك بالعروة الوثقى } من باب التمثيل مثل حال المتوكل بحال من أراد أن يتدلى من شاهق فاحتاط لنفسه بأن استمسك بأوثق عروة من جبل متين مأمون انقطاعه، قيل: هو طاعة الله فيما أمر ونهى { وإلى الله عاقبة الأمور } { ومن كفر فلا يحزنك كفره إلينا مرجعهم } إلى حكمنا مصيرهم { فننبئهم بما عملوا إن الله عليم بذات الصدور } { نمتعهم قليلاً } أي نعمرهم ثم نمهلهم ونعطيهم من ملاذ الدنيا ونعيمها ما ينعمون به مدة قليلة { ثم نضطرهم } قيل: نلجئهم { إلى عذاب غليظ } كقوله: { { زدناهم عذاباً فوق العذاب } [النحل: 88] { ولئن سألتهم } يعني كفار مكة { من خلق السماوات والأرض ليقولن } هو { الله } وحده { بل أكثرهم لا يعلمون } أن ذلك يلزمهم { لله ما في السماوات والأرض } ملكاً وخلقاً { إن الله هو الغني الحميد } الغني عن حمد الحامدين المستحق للحمد { ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده } الآية عن ابن عباس: أنها نزلت جواباً لليهود لما قالوا قد أوتينا التوراة وفيها كل الحكمة والمعنى ولو أن أشجار الأرض أقلامٌ والبحر ممدودٌ { سبعة أبحر } وكتبت بتلك الأقلام وبذلك المداد ما نفدت كلماته، وقيل: لو صار جميع أشجار العالم أقلاماً والبحر يمده من بعده سبعة أبحر مداد يمد الأقلام { ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم } قادر على جميع ذلك، كلمات قيل: كلامه، وقيل: معلوماته { ما خلقكم ولا بعثكم إلاَّ كنفس واحدة } يعني القليل والكثير والابتداء والإِعادة في مقدوره سواء لا يصعب عليه شيء من ذلك { إن الله سميع } لأقوالكم { بصير } بضمائركم، قوله تعالى: { ألم تر أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل } قيل: المراد به إدخال أحدهما على الآخر وينقص من أحدهما ويزيد في الآخر { وسخّر الشمس والقمر } بأن أجراهما لمنافع الخلق { كل يجري لأجل مسمى } قيل: هو يوم القيامة { وأن الله بما تعملون خبير } عليم بأعمالكم { ذلك بأن الله هو الحق } وأن ما تدعونه هي الأصنام هو الباطل { وأن الله هو العلي الكبير } القادر القاهر { ألم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمة الله } أي برحمته { ليريكم من آياته } من حججه { إن في ذلك لآيات لكل صبارٍ شكور } لنعمائه { وإذا غشيهم موج كالظلل } في ارتفاعه وتغطية ما فيه، وقيل: كالجبال، وقيل: كالسحاب، وهو جمع ظلة وكل شيء أظلّك فهو قلة { دعوا الله مخلصين له الدين } أي دعوه لينجيهم من العذاب { فلما نجّاهم إلى البرّ } أي أجاب دعوتهم ونجاهم من تلك المخاطر { فمنهم مقتصد } مؤمن، وقيل: على طريقة مستقيمة وصلاح في الآخرة { وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور }، قيل: ختار كفور غدار جحود.