التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِيۤ أَنعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَٱتَّقِ ٱللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى ٱلنَّاسَ وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِيۤ أَزْوَاجِ أَدْعِيَآئِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ مَفْعُولاً
٣٧
مَّا كَانَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ ٱللَّهُ لَهُ سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً
٣٨
ٱلَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ ٱللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ ٱللَّهَ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيباً
٣٩
مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّينَ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً
٤٠
-الأحزاب

تفسير الأعقم

{ وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه } الآية نزلت في زيد بن حارثة وامرأته زينب بنت جحش مكثت عنده أياماً ثم أراد فراقها فقال له الرسول (عليه السلام): "اتق الله وأمسك عليك زوجك" فأبى وقال: تؤذيني بلسانها، فطلقها فخطبها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فتزوجها، وقيل: أن رسول الله أبصرها بعدما أنكحها زيداً فوقعت في نفسه فقال: "سبحان مقلب القلوب" وذلك أن نفسه كانت تجفو عنها قبل ذلك لا يريدها ولو أرادها لخطبها، وسمعت زينب بالتسبيحة فذكرتها لزيد وألقى الله في نفسه كراهة صحبتها والرغبة عنها لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال لرسول الله: إني أريد أن أفارق صاحبتي، فقال: "ما لك أرأيت منها شيئاً" فقال: لا والله ما رأيت منها إلا خيراً ولكنها تتعظم علي لشرفها وتؤذيني، فقال له: "امسك عليك زوجك واتق الله" ثم طلقها، فلما اعتدت قال له رسول الله: "ما أحد أوثق مني بنفسي منك أخطب علي زينب" قال زيد: فانطلقت فإذا تخمر عجينتها فلما رأيتها عظمت في صدري حتى ما أستطيع أنظر إليها حين علمت أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذكرها، فوليتها ظهري وقلت: يا زينب أبشري ان رسول الله يخطبك، ففرحت وفات إلى مسجدها { وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه } بالعتق { امسك عليك زوجك } يعني زينب { واتق الله } في مضارتها فلا تضارها يا زيد { وتخفي في نفسك ما الله مبديه } أي مظهره، قيل: أخفى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في نفسه ان طلقها زيد أنه يتزوجها لأنها ابنة عمته وأحب ضمّها إلى عنده بعد فراق زيد لئلا يصيبها ضيعة وخشي إظهار ذلك خشية القالة { والله أحق أن تخشاه } أي تخافه { فلما قضى زيد منها وطراً } أي قضى حاجته من نكاحها { زوجناكها لكيلا يكون على المؤمنين حرج } أي ضيق { في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهنَّ وطراً } بالنكاح { وكان أمر الله مفعولا } في تزويج الله من رسول الله { ما كان على النبي من حرج } إثم وضيق { فيما فرض الله له } في أمره وأباح له من تزويج زينب { سنة الله } أي طريقة وشريعته { في الذين خلوا من قبل } أراد سنته في الأنبياء أنه كلفهم الإبلاغ والصبر على الشدائد، وقيل: سنة الله في تحليل نكاح الادعاء، وقيل: النكاح من سنة الأنبياء، وقيل: كثرة الأزواج كما فعله داوود وسليمان، فكان لداوود مائة امرأة ولسليمان ثلاثمائة امرأة وسبع مائة سريَّة { وكان أمر الله قدراً مقدوراً } أي أمراً جارياً على وجه الحكمة والصواب، ثم وصف الأنبياء فقال: { الذين يبلغون رسالات الله } الى أممهم { ويخشونه } أي يخافون عقابه { ولا يخشون أحداً إلا الله وكفى بالله حسيباً } وهذا وعد للمؤمنين ووعيد للكافرين { ما كان محمد أبا أحدٍ من رجالكم } قيل: رجال ذلك الوقت ولم يكن أحدٌ من أبنائه، وقيل: أراد برجالكم زيداً، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أبا الطاهر والطيب والقاسم وإبراهيم، وقد أخرجوا من حكم النفي بقوله من رجالكم من وجهين: أحدهما أن هؤلاء لم يبلغوا مبلغ الرجال، والثاني أنه قد أضاف الرجال اليهم وهؤلاء رجاله لا رجالهم، قال جار الله: فإن قلتَ: أما كان أباً للحسن والحسين؟ قلتُ: بلى ولكنهما لم يكونا رجلين حينئذٍ وهما أيضاً من رجاله لا من رجالهم { وخاتم النبيين } فلا نبي بعده { وكان الله بكل شيء عليماً }.