التفاسير

< >
عرض

قِيلَ ٱدْخُلِ ٱلْجَنَّةَ قَالَ يٰلَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ
٢٦
بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ ٱلْمُكْرَمِينَ
٢٧
وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىٰ قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِن جُندٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ
٢٨
إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ
٢٩
يٰحَسْرَةً عَلَى ٱلْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
٣٠
أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ
٣١
وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ
٣٢
وَآيَةٌ لَّهُمُ ٱلأَرْضُ ٱلْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ
٣٣
وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ ٱلْعُيُونِ
٣٤
لِيَأْكُلُواْ مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ
٣٥
سُبْحَانَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ ٱلأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ
٣٦
وَآيَةٌ لَّهُمُ ٱلَّيلُ نَسْلَخُ مِنْهُ ٱلنَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ
٣٧
وَٱلشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَـا ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ
٣٨
وَٱلْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَٱلعُرجُونِ ٱلْقَدِيمِ
٣٩
-يس

تفسير الأعقم

{ قيل ادخل الجنة }، قيل: جنة الخلد، وقيل: جنّة في السماء { قال يا ليت قومي يعلمون } { بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين } من المعظمين { وما أنزلنا على قومه من بعده من جندٍ من السماء } كما فعل يوم بدر والخندق، قال جار الله: فإن قلت: وما معنى قوله: { وما كنا منزلين }، قلت: معناه وما صح في حكمتنا إن ننزل في إهلاك قوم حبيب { إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون } ميتون هالكون، وقيل: صاح بهم جبريل فماتوا { يا حسرة على العباد }، قيل: معناه حلوا محل من يتحسر عليه، وقيل: معناه يا حسرة على العباد على أنفسهم، وهو متحسر عليهم من جهة الملائكة والمؤمنين من الثقلين { ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون }، قيل: هذا من كلام الرجل المؤمن، وقيل: إنما نفع هذه عند النزع، وقيل: في القيامة { ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون } يعني ألم يعلموا أهل مكة كم أهلكنا مثل عاد وثمود وغيرهم { أنهم إليهم لا يرجعون وإن كل لمّا جميع لدينا محضرون } للجزاء والحساب { وآية لهم الأرض الميتة } التي لا نبات فيها { أحييناها } بالنبات { وأخرجنا منها } من الأرض { حباً } وهو ما يأكلون { فمنه يأكلون } { وجعلنا فيها جنات } بساتين { من نخيل وأعناب وفجّرنا فيها من العيون } أو الماء الخارج من العُيون { ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم } والمعنى ليأكلوا مما خلق الله من الثمار وما عملته أيديهم من الغرس والسقي، وقيل: الذي عملته أيديهم كالخبز وغيره من أنواع الأشربة { أفلا يشكرون } هذه النعمة { سبحان الذي خلق الأزواج كلها } أي تنزيهاً له من الشرك الذي خلق الأزواج قيل: الأصناف والأشكال { مما تنبت الأرض } من الحبوب والفواكه وغيرها { ومن أنفسهم } من الأولاد { ومما لا يعلمون } يعني أشياء من الحيوانات والجماد لا يعلمونها، ومن أزواج لم يطلعهم الله عليها ولا يصلون إلى معرفتها بطريق من طرق العلم، ولا يبعد أن يخلق الله من الخلائق والحيوان والجماد مما لا يجعل للبشر طريقاً إلى العلم به لأنه لا حاجة لهم إلى العلم به في دينهم ودنياهم، ولو كانت لهم إليه حاجة لأعلمهم بما لا يعلمون كما أعلمهم بموجود ما لا يعلمون، وفي الحديث: "ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر" { { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين } [السجدة: 17] { وآية لهم الليل نسلخ منه النهار } أي نخرج وننزع، سلخ جلد الشاة إذا كشطه { فإذا هم مظلمون } داخلون في الظلام { والشمس تجري لمستقرٍّ لها } حدّ لها مؤقت مقدّر تتهيأ إليه، قيل: مستقرها أجلها الذي أقرّها الله سبحانه عليه أمرها في جريها فاستقرت عليه وهو آخر السنة، وقيل: الوقت الذي تستقر فيه وينقطع جريها وهو يوم القيامة لا مستقر لها غيره، أو أراد المنازل في المشارق والمغارب { ذلك تقدير العزيز العليم } القادر على ما يشاء، العالم بجميع الأشياء { والقمر قدّرناه منازل حتى عاد } بتقدير مضاف لأنه لا معنى لتقدير نفس القمر منازل، والمعنى قدرنا سيره منازل وهي ثمانية وعشرون منزلة ينزل القمر في كل ليلة في واحدة منها فإذا صار إلى آخر منزلة { عاد كالعرجون } يعني العذق الذي فيه الشماريخ { القديم } المتقادم وإذا تقادم عهده يبس وقوس فشبه به.